لم نستطع حتى الآن – وبكل أسف – أن نطرق جديّاً أبواب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمعناها الحقيقي والفعّال، ولا تزال هذه القضية ( بجوهرها ) حبيسة الأدراج – من حيث الفعل – مُعلنةً شلّ قدرات كبيرة لا تزال خامدة لأبناء هذا البلد، الذين لا يحتاجون إلاّ إلى قناعة المعنيين بضخّ السيولة المالية بجرأة وموضوعية في عروقها لتتحرّك وتنتعش.
حتى الآن – وبكل أسفٍ أيضاً – لم تفعل الجهات الحكومية المختصة شيئاً عملياً على أرض الواقع في هذا المضمار باستثناء الكلام الدسم شكلاً، والخاوي مضموناً الذي لا أثر له .. وهو لن يفيد على الرغم من إدراك الجميع بأنّ إطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل فعّال وجاد سيساهم إلى حدّ كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني، وفتح الشرفات والآفاق أمام مئات آلاف فرص العمل المُحتقنة الآن وأصحابها ينتظرون على أبواب الأمل في ظلال البؤس واليأس ..!
لم تستطع الحكومة – حتى الآن على الأقل .. أو أنها لم تنوِ – أن تفعل شيئاً في هذا المجال سوى الحديث تلو الحديث .. غير أن الأمر كما هو في جمودٍ وتعطيل ..!
وزارة المالية تتباهى بأرقامها بأن لديها من الودائع في البنوك السورية الشيء الكثير .. ملايين .. ومليارات .. بل تريليوناتٍ عطشى من الليرات السورية، تنتظر من يسقيها باستثماراته، وهي جاهزة للإقراض، ولكنها تضع مئة عقدةٍ وعقدة أمام كل قرض، وألف عقبة وشرط أمام روّاد الأعمال المتحفزين .. والمحتقنين بطاقات الرغبة والاشتياق للعمل، وعشق البدء بمشروع حقيقي، فيحجمون عن طلب القروض التي لا طاقة لهم بشروطها التعجيزية، لتبقى تلك الأموال مكدّسة في أماكنها، تُشكّل عبئاً على الخزائن والبنوك.
كان يمكن لهذه الأموال القوية – والتي تضعف شيئاً فشيئاً وتضمحلّ قيمتها تكلّساً بلا حراك – أن تكون سبباً لزخمٍ إنتاجي كبير يستطيع إعادة الأموال مع فوائد مجزية، وإضافة طيفٍ إنتاجي كبير للعديد من المنتجات، والخدمات الممكنة الحدوث أيضاً، عن طريق رواد الأعمال المنتظرين والعناية الحقيقية بهم.
في عطلة العيد وبدلاً من أن أكون على موعدٍ مع محطات لراحة البال وهدوء الأعصاب تواجهني كالعادة صدمات متتالية عند مواجهة بعض الشباب .. الذين كتبنا ووعدناهم بناء على ما سمعنا .. ولكن هاهم يكبرون .. وهم ينتظرون فرجاً حقيقياً .. ويبحثون عن الصدق في كلام معسول لم يعثروا بعد عليه .. !
على الملأ- علي محمود جديد