من يزرع الإرهاب والفوضى، لا بد وأن يحصد الخيبات السياسية، والارتدادات العكسية، وهذا ينطبق على كل من يراهن على دعم الإرهاب، وعلى سياسة التدخلات السافرة سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية لتحقيق أطماع استعمارية، وأجندات سياسية، أميركا ومعها كل أطراف منظومة العدوان النموذج الصارخ لأولئك المراهنين، هم يراكمون فشلهم، وكل مخططاتهم ومشاريعهم العدوانية والتقسيمية والتوسعية تحصد المزيد من الهزائم، ليس في سورية وحسب، وإنما على امتداد الساحات الدولية المستهدفة بسهام منظومة الإرهاب الأميركي.
من البديهي أن تقاس حصيلة التدخلات والحروب العدوانية بالنتائج العسكرية والسياسية على الأرض، الإرهاب المدعوم أميركياً وتركياً وأوروبياً وصهيونياً تقهقر من معظم المناطق في سورية، والجميع لاحظ في مراحل سابقة ارتداداته على الدول الداعمة له، وأوروبا مثال، كذلك الإرهاب الاقتصادي الذي تستخدمه أميركا ودميتها الأوروبية لم ينل من إرادة الصمود لدى السوريين رغم كل مفاعيله الكارثية، لكنه أصاب رعاته بالخيبة والصدمة، بدليل استنساخ “قيصر” جديد بين الفينة والأخرى، والمثال الأبرز ما يصيب المشروع الصهيو-أميركي التقسيمي وأداته المتمثلة بميليشيا “قسد” العميلة، هذا المشروع الذي ولد ميتاً في الأصل بسبب عدمية وجود أي بذور له في قاموس السوريين، إلا أن أدواته الانفصالية غير المنتمية لهذا الشعب العريق، نراها تتكسر اليوم أمام إرادة المقاومة الشعبية الحية المتصاعدة في منطقة الجزيرة ضد الاحتلالين الأميركي والتركي ومرتزقتهما من ميليشيات إجرامية، وتنظيمات إرهابية، وهذا رد طبيعي صاعق على كل طامع وغاز محتل.
الولايات المتحدة تتلقى الكثير من الارتدادات العكسية الصادمة لمشروع هيمنتها ونفوذها على الصعيد الدولي، هي تحاول تقسيم العالم على أساس من يسير في ركبها مسلوب الإرادة والقرار، ومن يخالفها ويناهض سياساتها، أي “مع أو ضد”، ولكنها تمنى بالمزيد من الفشل على هذا الصعيد، حتى حلفاءها التقليديين باتوا يضيقون ذرعاً من تسلطها واستبدادها، ولذلك تسعى لخنقهم اقتصادياً لاستمرار هيمنتها على قرارهم، حتى أن هدفها من تدمير الاتفاقيات الحيوية بالنسبة للأمن الأوروبي مثل معاهدة الصواريخ مع روسيا، أو اتفاقية الأجواء المفتوحة، هو وفق التأكيد الروسي رغبتها في استمرار فرض “هيبتها” على الأوروبيين، وهذا مؤشر واضح على تآكل هيبتها كدولة عظمى، وأيضاً عداءها المفرط تجاه إيران لم تجن من ورائه سوى الفشل والتخبط، وتنحي المبعوث الأميركي الخاص بإيران براين هوك عن منصبه، -وهو ذراع ترامب الأكثر تشدداً- في هذا الوقت الذي تحشد فيه واشنطن ضد طهران في مجلس الأمن، أليس دليل عجز؟، اليوم من المقرر أن يصوت مجلس الأمن على مشروع قرار أميركي بشأن تمديد حظر الأسلحة على إيران، والاتجاه السائد يشير إلى أن أميركا ستفشل بتمرير مشروع قرارها، وسبق لروسيا والصين أن عارضتا مثل هذا القرار لعدم قانونيته، وهذا أيضا دليل إضافي على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على فرض سياساتها بالقوة على من تشاء، وكل ذلك بفعل الارتدادات السلبية لسياساتها الهادفة لتعويم الفوضى في العالم، حتى هي نفسها لم تسلم من ارتدادات الفوضى والعنف التي زرعتها في الكثر من الدول، وباتت تحصد نتائجها من خلال احتجاجات الغضب المتواصلة ضد العنصرية المستشرية داخل المجتمع الأميركي، والتي عززتها جريمة مينابوليس العنصرية، قبل أشهر قليلة.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير ناصر منذر