كما هي العادة.. حمل خطاب الرئيس بشار الأسد الذي ألقاه يوم أمس أمام الأعضاء الجدد لمجلس الشعب المنتخب مؤخراً خارطة طريق للمرحلة القادمة، امتازت بواقعيتها وقربها من الواقع لتعيدنا إلى المسار الصحيح الذي ربما تغيب ملامحه جراء الحرب الإرهابية التي شنت على سورية منذ عقد من الزمن..
الرئيس الأسد صوب البوصلة في نقطة بغاية الأهمية حيث توجه لهؤلاء الذين يحملون الظروف الحالية مسؤولية التراخي في تحمل المسؤولية حيث قال: (إذا كانت الحرب تفرض نفسها على جدول أعمالنا فذلك لا يعني أن تمنعنا من القيام بواجباتنا، وإذا كان الدمار والإرهاب يفرضان العودة إلى الوراء بشكل عام فهذا لايمنعنا من التقدم إلى الأمام في بعض القطاعات لنكون في وضع أفضل مما كنا عليه قبل الحرب، وهذا ليس كلاماً إنشائياً، هذا كلام واقعي وممكن جداً، صحيح أن الحروب تفرض استهلاك كل الطاقات لصالحها، لكن قوة الشعوب بالتأقلم مع الظروف وتطويعها لصالحها لا بالاستسلام لها، وبمقدار ما تدفعنا الحرب والحصار إلى الوراء بمقدار ما علينا أن نتقدم إلى الأمام ونحن قادرون على ذلك ولو ببطء، وعلينا أن نضع في الاعتبار أن الفوز في الحرب لا يقتصر على خوضها عسكرياً واقتصادياً ومعنوياً، بل أيضاً تخطيطياً وتنظيمياً وإدارياً، والخطط الناجحة تنطلق من الرؤى الإستراتيجية السلمية التي لا يمكن الوصول إليها دون حوار بناء داخل المؤسسات وخارجها، ولمجلسكم دور محوري في هذا الحوار).
الرئيس الأسد دعا للتمسك بالواقعية والتخطيط الجيد قائلاً: (ربما يأتي أي مسؤول ويطرح أمامنا خطة رائعة، خطة مثالية، نذهب إلى التطبيق بعد عدة أشهر أو بعد عدة سنوات نرى أن النتائج متواضعة أو أن النتائج ربما تكون قريبة من الصفر، لماذا لم نر هذه الأمور منذ البداية، لأن هناك أسئلة كثيرة تسأل، لم نقم بها وربما لم نقم بالحوار من الأساس، هل الأدوات متوافرة لهذه الخطط، هل الزمن واقعي لهذه الخطط، هل هناك وزارات أو مؤسسات أخرى تؤثر في تنفيذ هذه الخطط، وبالتالي عندما تقصر مؤسسة واحدة تؤدي إلى تقصير كل المؤسسات المعنية، هل هناك ظروف خارجية تؤثر في هذه الخطط كما هو الوضع اليوم، كل هذه الأشياء وأسئلة كثيرة أخرى هي التي تساعدنا على توقع مقدار نجاح هذه الخطة أو عدم نجاحها، والأهم من ذلك تساعدنا على المتابعة الموضوعية، ولاحقاً عندما يحصل تقصير نستطيع أن نحدد بدقة سبب التقصير ومن هو الجانب أو الشخص أو المسؤول المقصر).
أما بالنسبة للجدل الدائر منذ فترة حول قانون قيصر أضاف الرئيس الأسد: (بالمحصلة هذا القانون فيه شيء من الضرر الإضافي، وفيه الكثير من الحرب النفسية، فإذن علينا ألا ننفي ضرره وألا نبالغ بتضخيمه وأن نعمل من أجل تحجيمه، لأن أعداءنا لا يبنون خططهم على خطوة واحدة أو حدث واحد وإنما على تراكم من الخطوات والأحداث، فإذن علينا أن ننظر إلى السياق العام لكي نفهم هدف كل حدث ودوره في هذا السياق العام وفي مخططاتهم).
وفيما يخص الوضع الاقتصادي أكد الرئيس الأسد أن الإصلاحات العاجلة في قطاع الزراعة قادرة على إعطاء نتائج سريعة وواسعة أكثر من القطاعات الأخرى.. لذلك يجب أن تشكل هذه الإصلاحات أحد المحاور الرئيسية لعمل المؤسسات الحكومية في المرحلة القادمة..
وأضاف: مستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات.. ولن يكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون، وكل ما تم في هذا المجال يؤكد أن حديثنا عن مكافحة الفساد لم يكن يوماً كلاماً إنشائياً، أو دعائياً، أو للاستهلاك المحلي..
الخطاب يعتبر كما ذكرت خارطة طريق للمرحلة القادمة علينا مجتمعين أن نعمل على تطبيقها، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع بدءاً من أعلى مسؤول حتى المواطن البسيط المطالب بالوعي..
على الملاً-بقلم أمين التحرير باسل معلا