ثورة أون لاين _ سنان سوادي :
مشكلة غلاء أسعار عقارات السكن ( شراء ــ إيجار ) من المشكلات التي استعصت عن الحل .. و يرى المواطن ان الجهات المعنية ما زالت عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لها .. فأصبح الحصول على المسكن الشغل الشاغل لمعظم السوريين وخاصة جيل الشباب الذي يقف عاجزاً عن تأمين مسكنه وسكنه سواء أكان شراء أم إيجاراً ، فالغلاء قد وصل لمستويات غير مسبوقة ، و لم تستطع مؤسسات الدولة والقطاع التعاوني السكني والقطاع الخاص في مواكبة متطلبات السوق العقاري بما يتناسب مع زيادة السكان والطلب المتزايد وحاجة السوق.
حركة البيع والشراء ما تزال مستمرة
يقول عيسى داؤود / مكتب عقاري/ : هناك حركة نشطة من أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة لشراء منازل بسبب تراجع سعر الصرف .. فيما قامت طبقة أخرى بسبب ضغوطات الحياة القاسية للاضطرار لبيع منازلها في المناطق الحيوية و التجارية لكي تشتري عدة منازل بالضواحي لتوزعها على أبنائها ، و حركة البيع لم تتوقف رغم أنها شهدت في بعض الأوقات هبوط وصعود ، وبسبب الفارق الجنوني لهبوط الليرة جعل الكثيرين يعمدون إلى إلغاء بيع منازلهم و تحمل الشرط الجزائي في مقدم العقد الذي لا يقارن بقفزة سعر المنزل إلى الضعف أو أكثر .
المتعهد سامر سعيد شرح المعاناة التي تطول معظم المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار في تأخر بيع الشقق السكنية أو في إلغاء بعض عقود المشاركة ، وخاصة في المناطق الباهظة الثمن ، واتجهنا إلى الضواحي التي تشاهد حركة جيدة و إقبال مقبول ، لأنها تبقى ضمن حيز الأسعار المقدور عليها نسبياً بالنسبة للمواطن .
و حول الأسعار بين سعيد أنه قد بلغ سعر طن الإسمنت من الدولة /50000/ ألف ليرة ومن السوق السوداء /100000/ ألف ليرة ، وبالنسبة لمتر الرمل فهو بحدود / 7000 ــ 15000/ ليرة وذلك حسب النوع ، والبلوك سماكة /15/يتراوح بين /200 ــ 220/ ليرة وذلك حسب الجودة ، وسعر متر البحص بين /7000 ــ 13000/ليرة ، فيما يبلغ سعر طن الحديد مليون و200 ألف ليرة، أما اليد العاملة فقد زادت أجرتها الضعف ويأخذ العامل العادي في اليوم حوالي / 6000/ ليرة والعامل المهني /10000/ليرة ، ومواد الأكساء الصحية والكهربائية والسيراميك والبلاط والرخام بأنواعه فقد تضاعفت أسعارها عن الفترة السابقة.
وضع معايير لأسعار البيع والشراء
المهندس المدني حسان حسن ( مكتب هندسي ) قال :
جرت العادة ان تتنقل حركة البناء حسب الطلب ، و تنشط الأبنية في الضواحي القريبة من المدن ، وهذا مرتبط بالسوق و العرض و الطلب المتعلق بانخفاض قيمة الليرة السورية ، أما بالنسبة للأبنية السكنية في القرى البعيدة فقد تناقصت نسبة البناء لنفس الأسباب ، أعتقد أن الحلول في الوقت الحالي صعبة نتيجة خسائر الحرب و الحصار الذي دمر ما دمر من الاقتصاد الوطني ، ولكن تستطيع الدولة أن تخفف من عبء هذا الارتفاع الجنوني لتكلفة متر البناء من خلال ضبط و دعم سعر الإسمنت المادة الغالبة و الرئيسية في البناء كتشييد و اكساء ، ووضع معايير لأسعار مبيع وشراء متر البناء في جميع مناطق المدينة حسب الأهمية .تأخر تصديق بعض المخططات التنظيمية عقّد المشكلة
من جهتها قالت عضو هيئة شعبة المكاتب الخاصة في نقابة المهندسين باللاذقية المهندسة الاستشارية زينب الخير إن عملية تخفيض تكلفة الإنشاء والاكساء معقدة وخصوصاً في الظرف الحالي ، إذ ارتفعت أسعار مواد البناء بشكل غير مسبوق ومعظمها مستورد، فلنقل تضاعفت عدة مرات، وكذلك تضاعف سعر الأراضي المعدة للبناء، وأجور اليد العاملة، وسعر الوقود، وتدنى سعر صرف الليرة تجاه العملة الأجنبية وبقي دخل المواطن يراوح مكانه…ثمة معادلة غير قابلة للحل ، وفق هذه المعطيات الكلفة تقاس على المتر المربع من البناء ، الشقق الصغيرة تحتاج رأسمال أصغر من تلك الواسعة لكن سعر التكلفة هو نفسه و يظل عالياً جداً في كل الأحوال إذا ما قيس بدخل المواطن…إنما الشقق الصغيرة هي الحل الأمثل أمام الشباب وذوي الدخل المحدود…لقد ساهم التأخير في تصديق المخططات التنظيمية في أماكن كثيرة من سورية بتعقيد أزمة السكن عقوداً طويلة…إذا قلت العرصات المعدة للبناء داخل المخططات التنظيمية وبالتالي ارتفع سعر الأرض وسيرتفع تلقائيا سعر البناء…هذه مشكلة قديمة وما زالت قائمة .
وأوضحت إن تخفيض الأسعار حالياً مرتبط ارتباطاً عضوياً بتحسن سعر صرف الليرة السورية ، وهذا مرتبط بالحرب والأوضاع السياسية التي تمر بها سورية ، و قطاع البناء هو المعيار الحقيقي للوضع الاقتصادي في البلاد ، فلا بد من تحسن وضع الليرة أو مضاعفة دخول المواطنين عدة مرات ليعود التوازن ممكناً
وأضافت: ربما كان التوجه نحو زيادة عدد الطوابق يساهم في تخفيض سعر التكلفة على المتر المربع من البناء، ومنح القروض سيحرك السوق قليلاً ويخفف من ضغط أزمة السكن لكنه لن يساهم في تخفيض الأسعار …. الحل الحقيقي سيكون بزوال هذه الغمة عن البلد
..عندها يتحسن سعر صرف الليرة وتعود كل التسريبات التي أصابت الثروات الوطنية لتصب في مجراها الصحيح. ويتحسن دخل المواطن ، و يتحرك القطاع ساحباً معه كل القطاعات الأخرى.. فالعلاقة بين قطاع البناء وبقية القطاعات الاقتصادية تبادلية أو تشاركية لحد كبير… بمعنى كلها تتحسن معاً أو تتراجع معاً…و معظم مواد البناء والاكساء مستوردة وبالتالي هي تخضع لسعر عالمي متفق عليه بشكل كبير..
أسباب مرتبطة بالأزمات
الدكتور أحمد أديب أحمد في كلية الاقتصاد جامعة تشرين أشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات سواء من ناحية الشراء أم الإيجار يعود لأسباب عامة وخاصة، فأهم الأسباب الاقتصادية العامة هي ازدياد الطلب على السكن، والذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع الأسعار، ولكن ما أدى إلى هذا الطلب المتزايد مجموعة من الأسباب الخاصة بالأزمات الأخيرة أهمها:
أولاً- عودة مجموعة كبيرة من المغتربين إلى الوطن بسبب انتشار فيروس كورونا في البلدان الأخرى وتوقف الأعمال وسبل العيش مما اضطرهم للعودة إلى سورية وهذا يتطلب منهم البحث عن سكن.
ثانياً- عودة الكثير من الأسر المهجرة إلى محافظاتها بعد تحريرها وإعادة ترميمها وهذا سيخلق حالة من الطلب على السكن في هذه المحافظات.
ثالثاً- توقف حركة البناء المنزلي في القرى ومخالفة من يقوم بذلك ما أدى إلى نزوح الكثير من أبناء الريف الموظفين إلى المدن وازدياد الطلب على السكن فيها، خاصة مع صعوبة التنقل بين الريف والمدينة، وصعوبات العيش الناتجة عن تدني مستويات الحياة الاقتصادية في سورية.
رابعاً- ظهور طبقة من أثرياء الحرب الذين اتجهوا لبناء القصور والفيلات وبالتالي زاد الطلب على مواد البناء في ظل ندرتها ما أدى إلى ارتفاع أسعارها وانعكاسها على واقع العقارات.
خامساً- ارتباط العديد من مواد البناء بسعر الدولار الذي ارتفع في السنة الأخيرة بشكل كبير ما أدى لارتفاع أسعارها بالمقابل.
سادساً- انخفاض الثقة بالليرة السورية بسبب التذبذبات الحاصلة في أسعار الصرف، ما دفع أصحاب المدخرات لتحويل مدخراتهم إلى عقارات كونها بنظرهم أكثر أماناً مع الزمن.
فيما رأى د. أحمد أن أهم الحلول التي يمكن الحديث عنها هي السماح لأبناء الريف بالبناء المنزلي بشروط صحية دون وضع عراقيل في هذا المجال، وتشجيع فكرة السكن المشترك للعائلة الواحدة، والإسراع بعملية تسليم سكن الشباب والجمعيات السكنية وما شابه ذلك، والنظر بخصوص التجاوزات التي حصلت في بعض الجمعيات العامة التي زادت الأقساط على المكتتبين فيها بشكل جنوني وغير قانوني يفوق قدرة المكتتبين فيها على السداد.
أخيراً :
إن حل مشكلة ارتفاع الأسعار ليس بالمستحيل ويتطلب وقفة جادة ومسؤولة من المسؤولين والمعنيين ، وعندما تتحول هذه المشكلة إلى مشكلة عامة ومزمنة هذا يعني أنها أصبحت تشكل أزمة قد ينتج عنها أزمات أخرى.