الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
لا تزال وسائل الإعلام المؤسساتية في الولايات المتحدة مستمرة كعادتها في تكرار الأكاذيب والتضليل وتلفيق معلومات كاذبة باتهام روسيا بأنها تقوم بدفع مكافآت “لطالبان” لقتل جنود أمريكيين في أفغانستان، متجاهلة في الوقت نفسه معلومات عامة مهمة يمكن إثباتها بسهولة.
والتضليل الأميركي ليس في أفغانستان فقط، ولعلّ المثال الأخير هو إعلان الرئيس دونالد ترامب عن نوع من “هجوم ضد فنزويلا” دليل آخر، ففي أثناء زيارته للقيادة الجنوبية الأمريكية (ساوثكوم) في فلوريدا، أجرى برنامج Noticias Telemundo مقابلة مع ترامب الذي قال: ” كل ما أستطيع أن أخبرك به أنه سيحدث شيء مع فنزويلا”. لقد اختارت الولايات المتحدة في فنزويلا عميلاً لها ليكون رئيساً ويحل محل الرئيس المنتخب نيكولاس مادورو، وقامت بزيادة العقوبات عليها، كما أرسلت المرتزقة، واتهمت مادورو وزوجته بتهريب المخدرات، كل هذا كان لزعزعة استقرار البلاد.
وعلى السواء صرحّت بريطانيا، الدولة العميلة والحليفة للولايات المتحدة، بأنها ستحتفظ بأكثر من مليار دولار من الذهب الفنزويلي بدلاً من تسليمها إلى أصحابها الشرعيين. ويبلغ إجمالي عمليات السرقة ضد فنزويلا حوالي 24 مليار دولار في الأصول المسروقة والمجمدة.
كما تمّ أيضاً دفع ثمن الجدار الفاصل بين أمريكا والمكسيك، والذي قال ترامب إن المكسيك ستدفع ثمنه من خلال السرقة والمكاسب غير المشروعة من فنزويلا.
لا شكّ أنّ فنزويلا تتعرّض لهجوم مستمر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها منذ عدة سنوات مع قيام إدارة ترامب ببذل أقصى الجهود وبمختلف الوسائل لتغيير النظام فيها. وتبدو وسائل الإعلام، التي عادة ما تسخر من ترامب، إما تكون صامتة أو داعمة للهجوم المتواصل ضد فنزويلا. وقد كان ينبغي لتصريحات ترامب العدوانية أن تتصدر عناوين الصحف، فقد أعلن رئيس الولايات المتحدة مرة أخرى نوعاً من الأعمال العدائية تجاه فنزويلا، ولكن كلماته لم تحظ بأي اهتمام من قبلها.
أيضاً وضع ترامب عدة مرات الولايات المتحدة على شفا الحرب وبطرق متنوعة، فقد أخرج الولايات المتحدة من المعاهدات النووية مع روسيا والتي كان قد تم التصديق عليها منذ عقود. بالإضافة إلى حربه الكلامية العدائية المستمرة ضد الصين، بدءاّ بالافتراضات الشديدة حول فيروس كورونا وتكرار تسميته “بالفيروس الصيني”، كما أنّ إضافة كلمة “شيوعي” دائماً إلى جانب كلمة الصين ليست مجرد حركات مثيرة، كما كان هناك أيضاً التحريض على العنف في هونغ كونغ والذي هو جزء كبير من مخطط أكبر لإضعاف الصين، المنافس الاقتصادي والسياسي الذي تخشاه أميركا كثيراً.
وتشن الولايات المتحدة الحروب بوسائل مختلفة في جميع أنحاء العالم. ففي الحرب على سورية وبعد فشلها في تحقيق أهدافها لجأت إدارة ترامب إلى سرقة النفط السوري وحرق محاصيل القمح وزيادة العقوبات التي تقيد وصول الغذاء والدواء للشعب السوري.
وكل ما كان يحدث في سورية من جرائم وانتهاكات لم يكن يتم التعليق عليه، ولم يحصل على التغطية الإعلامية الكافية، وكانت جميع الأخبار تعتمد على مصدر استخباراتي مجهول الهوية، في الوقت الذي كان يتوجب فيه على المهتمين أن يبحثوا كثيراً في وسائل الإعلام للعثور على الحقيقة والتحليل المناسب.
إنّ الدمار الكبير الذي لحق بسورية هو جريمة حرب ترتكب باسم الشعب الأمريكي. وفي الواقع فقد أشادت صحيفة واشنطن بوست بحقيقة أن قانون قيصر “ساعد على تراجع قيمة العملة السورية”، وكان ينبغي لهم أن يضيفوا أنه أيضاً ساعد في زيادة معاناة الشعب السوري وحاربهم في لقمة عيشهم، ويبدو واضحاً أنّه لا توجد معارضة في الكونغرس الأمريكي لأعمال ترامب العدوانية التي تقتل الناس وتدمر البلاد في جميع أنحاء العالم.
للأسف، لن تكون هذه السياسات كما لن تكون استجابة وسائل الإعلام الخاصة بالشركات في الولايات المتحدة مختلفة إذا أصبح جو بايدن رئيساً، لأن سياسة بايدن تجاه فنزويلا هي نفسها سياسة ترامب. وعندما أعرب ترامب عن رغبته في التحدث إلى مادورو، تراجع فوراً بعد أن أدان بايدن هذه الخطوة ورفضها رفضاً قاطعاً.
أما بالنسبة إلى روسيا والصين فإن هذه المكائد الأمريكية جعلتهما أقرب من أي وقت مضى، حيث يسعى كلا البلدين إلى الحماية من الإمبريالية الأمريكية. إذ تحاول كلاً من روسيا والصين منع الولايات المتحدة وحلفائها من الدول من التدخل في شؤون بلادهم، أو تدمير سورية أو إيران أو فنزويلا .
كما توصلت إيران والصين مؤخراً إلى اتفاقية لبناء البنية التحتية الإيرانية مقابل تزويد الصين بالنفط الإيراني المخفض للسنوات الـ 25 المقبلة.
وفي الوقت الذي يبقى فيه الأمريكيون جاهلين بما يجري بسبب زيف وسائل الإعلام الأمريكية والقصص السخيفة والمضللة، تجتمع الدول المستهدفة من قبل الولايات المتحدة وتتعاون مع بعضها البعض ضد الهيمنة الأمريكية لكسر القيود ومواجهة العقوبات المفروضة عليها.
المصدر America Herald Tribune