ما إن حطّ مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل رحاله في بيروت عقب انفجار المرفأ مرتدياً قناع الإنسانية، حتى نصب خشبات مسرح ادارته على أنقاض آلام الشعب اللبناني، وبدأ بلعب الدور المنوط به، دور الحريص على لبنان والشعب اللبناني، الداعي لأن يكون لبنان حراً في اتخاذ قراراته، سيداً في خياراته من دون ضغوط خارجية.
لكن.. هيل سرعان ما ضاق ذرعاً بذاك القناع الإنساني، فعمل على نزع قناعه، وحوّل مسرحه الى “الواقعي”، فأخذ بسرد العديد من الشروط والإملاءات على اللبنانيين، ليمنّ عليهم وإدارته ببعض فتات المساعدات، فأفتى بضرورة الإصلاح، ومحاربة الفساد، وحدد أدق تفاصيل حياة اللبنانيين اليومية، نوع حكومتهم، وشكل طرقهم التي توصلهم الى “الحرية” و”الاستقلال” من وجهة نظر أميركية.
هيل لم ينس الحديث من مرفأ بيروت عن السيادة، متناسياً خروقات الكيان الصهيوني الشبه يومية للسيادة اللبنانية، بل إن هيل كان يرسم للبنانيين خريطة مستقبلهم، وفق المصلحة الصهيونية، رافضاً أي حكومة وحدة وطنية لبنانية، متشدداً في استجلاب تحقيق دولي للنظر في انفجار المرفأ.
على أنقاض الخراب يكثر نعيق الغربان، وكل ظنهم أنهم بذاك النعيق سيصلون الى أهدافهم، لكن الحقيقة تقول الفعل والارادة الحقة لا يمتلكها سوى الشجعان، لا غربان الشؤم، والتاريخ يسجل، كما ذاكرتنا، بأن الابطال هم من يرسمون المستقبل، ويحددون مصير أمتهم.. وفي لبنان هناك رجال أثبتوا عبر التاريخ، ومن خلال مواجهة العدو الاسرائيلي أنهم صناع تاريخ، وبأن أمثال هيل، ليسوا سوى فقاعات صوتيه سرعان ما تتلاشى مع الوقت.
ينعق هيل من فوق خراب مرفأ بيروت، ويشاركه بعض أدواته، علهم يشوشون على رؤى شرفاء ورجال كثر في لبنان، أصروا على النهوض ببلدهم من جديد، والحفاظ على السيادة بكل معناها، لكن الحقيقة أن نعيق هيل لا يصنع مستقبلاً ولا يحدد مسارات، وحدها أفعال الرجال تخط مستقبل الأمم، وتموز والجنوب شاهدان على أفعال رجال المقاومة.
حدث وتعليق – منـذر عيد
moon.eid@gmail.com