تمشي الأيام متثاقلة، الليالي مظلمة، في بداياتها كان الجميع يختلق النكات، على أنها طرف للمزاح، أنه عام قد يأتي بالأهوال صدقاً حتى الكمبيوتر كبرت حروفه دون قصد، بكتابة عام الأهوال.. تراها الصعقة الأولى، حيث لا ينفع مال ولا بنون..
حوادث كوارث طبيعية، إعصارات في شتاء طال، وسرق من الربيع أياماً كثيرة، ليترك بيننا فايروس الكورونا قبل أن يغادر. حتى نسيت المقاعد أحبابها الطلبة والتلاميذ. ونسيت عتبات البيوت زوارها. والشوارع اشتاقت لخطوات تيبست بعيداً.
يعلن رؤساء وقادة دول أن الأمر أصبح متروكاً لرب السماء، ولم يبق لأهل الأرض إلا الدعاء لرفع الوباء والداء..ولكن هل خاف الناس حقاً واستحوا من رب السماء.. أبداً.. ما حدث أن الأسعار التهبت لتشعل النار في جيوب العباد تلتهم بقايا المال فيها.
هذا إن كان من بقايا.. لم تستغل في زحمة الدهشة التي جعلت الأفواه تنفتح وتعلق عظام الفكين فلا يتمكن المرء من إغلاق فمه إلا بقوة طبيب الأسنان.كل شيء يذهب بالمرء بعيداً في أنفاق الأزمة، والضيق والحصار، والنوايا السيئة التي تحيق بنا..
تندلق الويلات علينا من عافية هذا العام، بعد انطفاء شموع بداية ليلته الأولى اغتيال قاسم سليماني وصحبه، حرائق غابات في استراليا تقضي على آلاف الأنواع من الحيوانات.اختراق الكيان الصهيوني لسمائنا مرات عدة ونتصيد صواريخهم كما العصافير.. وتتساءل الوجوه الواجمة متى وكيف ستصرف الأيام المتزاحمة بعذاباتنا.
تنفجر الكورونا كما انفجار ميناء بيروت لتدخل معظم البيوت، ضيفاً غير مرغوب فيه.. تقتص من الأطباء تنال منهم حد الموت الذي تآمرت معه لتدلل على ما بشَّر به ترامب أننا سنفقد الكثير من أحبابنا..هل تآمر ترامب مع الكورونا ونحن في غفلة.
لم لا.. وآراء كثيرة تؤكد أنه فايروس من مستحضرات مخابر الحرب البيولوجية ولكن انفلت عقاله من سيطرتهم. القوى الضالة أصابها ما أصابنا، لكنها أكثر استعداداً لمواجهة صراع حرب الكورونا، تعمل لأجل علاج أو لقاح ونحن ننتظر النتائج..إلى متى سنبقى في دائرة ردود الأفعال..مضى ضوء الحياة من بيوتنا وذاب.
يغيب كل يوم حبيب أو صديق أو رفيق، ونحن نتجرع العذابات فمن غاب لن يعود ليطرق الباب..والأسى غِيابُ واجب العزاء..والرقاد تحت وطأة المرض زيادة على ألم الفقد والفراق..حتى باتت الصباحات تخيفنا والمساءات من رنة هاتف، أو صفحة جوال تخنق أصواتنا في الحناجر.. من هول ما قد نرى، أو نسمع من أخبار الموت.
الأنين يحني ظهورنا ونحن نتلمس التراب الذي ضم الأحباب، نتمرد على من.. نتنمر على من.. وقد تهدلت ظهورنا وناءت من ثقل الموت الذي أنسى الطيور تغريدها.. فحرب الموت مع الكورونا أقسى من معارك الشرف لاستعادة الأرض..
صليل سكاكين الليالي المظلمة يتردد صداها في آذاننا الفاقدة لأصوات من نحب.. لتبيت في طيات السنين، كما أصوات من غابوا منذ سنين.. فهل لقوة الصبر أن تمنحنا طاقةَ اندفاعٍ لتشتعل مخابرنا بجهود الباحثين لأجل دواء محلي تنتجه العقول.
هل نستطيع حماية مقاتلي جيشنا الأبيض، فلا تستنزف الكورونا المزيد من الشهداء في صفوفهم.. هل تحفز الحيرة مسؤولينا للتحرك أسرع حفاظاً على بقايا اخضرار حياتنا، فلا تستوقفنا حيرة العجز، ونحن نضرب كفاً بكف حسرة وتحسراً لخساراتنا.
كم من زمن نحتاج لنفيق من الصعقة الأولى، هل نبحث عن أخلاقيات أم ثقافة حياة جديدة قبل أن تشت العقول، هل علينا تغيير كل شيء في حياتنا والكوكب يدور في فلك الموت والرهاب.. هل علينا تغيير العقائد والمعتقدات والمشهد الحياتي بكليته..
إضاءات – شهناز صبحي فاكوش