تدين البلديات نفسها عندما تقوم بهدم مخالفة، وتكون الإدانة أكبر عندما يتم إزالة مخالفة وترك أخرى، فالسؤال الذي يطرح نفسه أين كانت البلديات عندما قامت هذه المخالفات ؟
باتت مدننا مشوهة عمرانياً، من دون أي هوية بصرية، ألوان متباينة ضمن المبنى الواحد، شوارع ضيقة، لا توجد ساحات ولا مرائب، المساحات الخضراء والحدائق والشوارع تم التطاول عليها بتواطؤ بين الجهات المشرفة والقائمة، والتسويات التي تتم على بعض المخالفات تتم على حساب الشوارع والحدائق والمنظر العام، وباتت العشوائية طابعاً لكثير من المدن والبلدات .
أي مدينة نزورها في العالم أو نشاهدها على الشاشات نرى لها رؤية بصرية مميزة تعرف بها حتى دون أن نقرأ اسمها، وهذا طبعاً يعود إلى التخطيط المسبق وتطبيق قوانين وشروط تحفظ طابعاً جمالياً معيناً ، وتحافظ على مساحات خضراء ومسارات حركة مريحة.
الموضوع يرتبط بالقوانين وتصديق المخططات التنظيمية وتوسعاتها ووجود سكن قديم وآخر حديث، لكل اشتراطاته في الوجائب والحقوق وما بينهما نشات حالة تشوه بالقديم يسمح بالبناء مباشرة على الشارع، والحديث يفرض مسافة أكبر مما شكل منظراً مشوهاً للأبنية ولشكل وأبعاد الشوارع.
أن يأخذ تصديق مخطط تنظيمي عدة سنوات، وينتظر مثلها لتصديق توسع جديد، أمر مبرر في كل دول العالم لأن هذه الدول تخطط بشكل مسبق ولسنوات طويلة على عكس ما تعمل به قوانيننا التي تأتي على واقع مشوه وموجود، ولذلك يكون هناك سكن قديم وسكن حديث.
دراسة المخططات لاحقاً لقيام واقع أمر شوه كل شي و عطل قيام الكثير من المشاريع ورفع كلفة تنفيذ البنى التحتية لهذه المناطق بشكل كبير، وحرم سكان هذه المناطق من عدالة الحصول على الخدمات.
الحرب دمرت وهدمت الكثير من المناطق العشوائية وهناك فرصة لتخطيطها بشكل صحيح وإعادة بنائها، وهذا يتطلب قوانين شاملة ودقيقة وتنفيذ سليم، وغير ذلك سيزيد من حالة التشويه ويرفع كلفة إيصال الخدمات، ويحرم الناس الراحة.
على الملأ- بقلم مدير التحرير معد عيسى