في الذكرى الستين لقيادة كيم جونغ ايل “سونكون” الثورية.. كوريا الديمقراطية سياسة مستقلة ودور فاعل على الساحة الدولية
الثورة أون لاين – دينا الحمد:
نجحت كوريا الديمقراطية في درء المخاطر عن أرضها وشعبها، وحفظ سيادتها وكرامتها، وحجز دور كبير وبارز لها في صدارة المشهد الدولي، بفضل الموقف الحازم والإرادة القوية لقيادتها، ويصادف اليوم الخامس والعشرين من آب الذكرى السنوية ال(60) لمباشرة القائد كيم جونغ ايل قيادة “سونكون” الثورية في كوريا الديمقراطية، أي الجيش أولاً، وبهذه المناسبة يستذكر الشعب الكوري سيرة هذا القائد الذي أرسى قواعد الاستقلالية لبلاده ودورها الدولي الفاعل على الأصعدة كافة، حيث أصبحت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تحظى بالكثير من الاحترام الذي تكنه لها معظم دول العالم، نتيجة مبادئها ومواقفها الإنسانية العظيمة.
ومثل هذا الكلام الذي نسوقه الآن اعترف به العدو قبل الصديق، وكم تناولت الصحافة الغربية مآثر القائد كيم جونغ ايل، واعترفت أنه قاد بلاده نحو الاستقلالية في قرارها وعدم تبعيتها لأي دولة أو محور في العالم، وقد كتب أحد المعلقين السياسيين في الغرب مرة تأكيداً لهذا الكلام، وقال في مقالة له: “تتميز السياسة العالمية الحالية بتغير تيارها من السيطرة والإذعان إلى الاستقلالية، من جراء توجهات وتحركات جميع البلدان في المعمورة، الراغبة في التقدم نحو الاستقلالية، وإذا تم وصف كوريا الديمقراطية بأنها محور مسمى بالاستقلالية، فيمكن القول إن أميركا، وهي دولة في حوض الباسيفيك على حد تعبيرها، تبدو كأنها جناح مروحة مثبتة بذلك المحور، ومن البديهي أنه إذا دار هذا المحور، محور الاستقلالية، ستتحرك أجنحته الكبيرة التي تتحكم برياح الكرة الأرضية، أي تيار السياسة العالمية، من هنا، يمكن القول إن كوريا الديمقراطية هي بالذات التي تحتل مكانة مدير دفة اتجاه التيار السياسي العالمي الجديد”.
وارتباطاً بهذه القاعدة التي شرحها هذا الصحفي الغربي فإن السؤال الذي يلقي بظلاله هنا هو: ما السبب في أن تكون كوريا دولة محورية في العالم تقود قضية الاستقلالية على المسرح الدولي، رغم أنها بلد غير شاسع في مساحته، وعدد سكانه لا يجاري عدد السكان في أميركا أو غيرها من القوى العظمى؟!.
الإجابة عن هذا السؤال المهم لا تحتاج إلى كثير عناء لفك رموزها، وبالطبع قد تكون هناك عدة عوامل تساهم في صياغة اللوحة المذكورة، ولكن لا شك في أن أهمها يكمن في قيادة كيم جونغ ايل “سونكون” الثورية في كوريا الديمقراطية، وإعطائه الأولوية للشؤون العسكرية، وبناء بلده بناء قوياً جعلها في مصافي الدول الكبرى التي يحسب لها حساب على مستوى العالم.
وكما هو معروف، حتى في أواسط القرن الماضي، كانت كوريا الديمقراطية بلداً مستعمراً ضعيفاً وصغيراً، بعد أن فقدت نورها ودورها على المسرح الدولي، ولكنها اليوم، أصبحت تظهر كدولة مستقلة وقوية لا تقهر، ويعترف بها العالم كله، بفضل “سونكون” الذي استهل به الرئيس كيم إيل سونغ، وواصل رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل والقائد كيم جونغ وون تطبيقه وتمجيده جيلاً بعد جيل.
لقد انطلق الرئيس كيم إيل سونغ إلى طريق النضال الثوري لأجل تحرير كوريا الديمقراطية من الاحتلال العسكري للإمبرياليين اليابانيين وهو في حدود العاشرة من عمره، وأبدع فكرة “زوتشيه” وفكرة “سونكون” القائمة عليها، ونظم أولاً الجيش قبل الحزب والدولة وفقاً للظروف آنذاك.
وأخيراً، حقق القضية التاريخية لتحرير كوريا، اعتماداً على ذلك الجيش. وعقب التحرير، بدأ بإقامة الصناعة العسكرية وبناء القوات المسلحة النظامية، قبل تأسيس الدولة فيما بذل الجهود المكثفة لتقوية القدرات العسكرية للبلاد أولاً وقبل غيرها بحيث ألحق بالولايات المتحدة التي كانت تتبجح بأنها “الأقوى” في العالم، أول هزيمة نكراء في تاريخها، في الحرب الكورية عند خمسينيات القرن الماضي، وصان بشرف، سيادة البلاد وكرامتها، وبعد الحرب أيضاً، واصل تركيز الجهود الكبيرة على تقوية القدرات العسكرية مثل طرح خط بناء الاقتصاد وبناء الدفاع الوطني بشكل متواز، حتى سحق الاستفزازات العسكرية المتواصلة من جانب الولايات المتحدة في كل خطواتها.
ومارس رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل سياسة سونكون، أثناء فترة طويلة تزيد على نصف قرن، وذلك لتعزيز القدرات العسكرية في كوريا من كل الوجوه، بعد أن خطا خطوته الأولى لقيادة سونكون بزيارته التفقدية لإحدى فرق الدبابات للجيش الشعبي الكوري في الخامس والعشرين من آب عام 1960، أي قبل 60 عاماً منذ الآن، وبخاصة، في أقسى الفترات من أواخر القرن الماضي المتزامنة مع انهيار المنظومة الاشتراكية العالمية، ركزت الولايات المتحدة كل قواها على الهجوم لتدمير كوريا، متشدقة “بأن انهيار كوريا الشمالية هو أيضاً مسألة وقت”. ورداً على ذلك، رفع القائد كيم جونغ إيل راية سونكون أعلى فأعلى، ودافع عن كوريا الاشتراكية بقدراتها الجبارة.
صحيح أن كوريا كانت واقفة على مفترق الطرق من الحياة أو الموت، حيث اضطرت أن تجتاز كل التحديات بمفردها ضمن الحصار المشدد من قبل القوى المعادية للاشتراكية في العالم، ولكنها حققت الانتصارات في المجابهة السياسية والعسكرية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة، زعيمة الإمبريالية، بأعجوبة، وهذه ثمرة من الثمار التي أتت بها سياسة سونكون.
وتأكيداً لهذه الحقيقة علقت إحدى الإذاعات الأميركية آنذاك تقول: “إن كوريا هي بلد وحيد فتح الثغرة في جدار أقامته أميركا في العالم، عن طريق ممارسة سياسة سونكون، كما أنها بلد وحيد ستزداد منعته وازدهاره بفضل تلك السياسة، إنها لمأساة واشنطن أن يتعذر عليها تخمين وسبر سعة وعمق الطاقات الجبارة التي تفجرها سياسة سونكون التي ينتهجها القائد كيم جونغ إيل”.
إن الاستقلالية هي تطلعات البشرية وتيار العصر، فالنضال الرامي إلى الاستقلالية هو بالذات، نضال يجري مجازفة بالحياة، وإن كرامة الأمة وسيادة البلاد لا أحد يساعد في الدفاع عنهما ولا يمكن شراؤهما بالنقود، وبدون قوة، لا يمكن رفع راية الاستقلالية ولا الحفاظ عليها في القتال ضد الإمبرياليين الشرسين. إن إيلاء الأولوية للسلاح هو وحده أمثل طريقة لإخماد همة الإمبرياليين الذين يحاولون السيطرة على العالم بالقوات المسلحة والتعسف، ولتمجيد سيادة البلاد والأمة وكرامتهما، هذا ما يدل عليه ماضي كوريا وحاضرها اللذين تألقا ويتألقان بسونكون.
اليوم ينتصب هذا البلد بشموخ كدولة قوية مظفرة دائماً، لا ندَّ لها تملك حتى القوات المسلحة الاستراتيجية الرائدة والقدرات الرادعة النووية المتنوعة، في ظل قيادة القائد كيم جونغ وون، قائد سونكون اللامع الآخر.
وبوجود هذه القدرات العسكرية الجبارة، تسير كوريا بخطا ثابتة، على الطريق الذي اختارته بنفسها، وهي تقول ما تريد على الحلبة الدولية، دون إرضاء لمزاج أحد، وترى حتى الدولة الإمبريالية العظمى التي يخاف منها الآخرون، مستخفة بها، حقاً، إن “سونكون” هو أسلوب السياسة المظفر دائماً، والسلاح القاهر الأمضى الذي يتعين على جميع البلدان والشعوب النازعة إلى الاستقلالية أن يتعلموا منه ويجسدوه.