الثورة أون لاين:
رغم أن المجموعة القصصية التي حملت عنوان” متاهة العشق” للقاص عوض سعود العوض” كتبت خلال سنوات الحرب، لكن كاتبها أراد أن يلون الحياة بغير لون الدم والدمار ويلوذ في عالم أكثر بياضاً ونقاء، واستطاع في غفلة من الزمن أن يتسلل إلى عالم قصي يحتفي بقصص الحب والشوق والجمال، يقول:
“في حضرة المكان أخشع وأخضع..
خضوع إرادي حلو وجميل، يجعل الخيال يسبح.
في داخلي تيارات وأمواج تطوقني، تمنعني من مغادرته، أقبع في ركن ضيق من جهة وفسيح من جهات، الأمل ما زال يراودني، حرصت على عدم إضاعته، أحاول أن أستكشف المستقبل بعين الحاضر، أنظر إلى الطبيعة، تكتمل الصورة، سحر في كل مكان، وخراب الإرهابيين في كل مكان، تهدل اليمامات فأعرف أنهن يشاركنني الحصاد والحزن، وينعين الخراب ..”
احتفى فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب وبمشاركة عدد من النقاد بالقاص الروائي عوض سعود العوض في الندوة التي حملت عنوان” بناء القصة وطبيعة السرد” في مجموعته القصصية” متاهة العشق” أدار الندوة القاص أيمن الحسن.
ولفت د. عبد الكريم حسين إلى أن المجموعة القصصية حديثة، والقصص في مجملها تبدأ بسطر أو سطرين يضمنها الكاتب معنى فلسفياً من مثل” عندما تنسى المرأة أغانيها تعود تلملم موسيقاها لتصدح بآخر مواويلها”، ومن ثم يليها مشهد طبيعي يمتزج بروح الشخصية وهو أشبه بالحالة الشعرية ممتزج بنفسية من يسرد القصة، ثم بعد ذلك يقدم تعريفاً للشخصية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وفي كل قصة تقريباً، يعطي أفكاراً متعددة ويعطي لها العناوين وكأنه جعل الرابط العقلي على شكل رياضي، ويتبعه الحدث لينتهي إلى القطع للتشويق أو الختام بجملة وقضية، أما شخصياته فهي ليست كثيفة وليست غنية كثيراً، وإنما يتحدث عن شخصيتين في الغالب وهذه الشخصيات تحت أصابع المؤلف ومقاصده التي يرمي إليها.
ويرى د. عبدالله الشاهر أن المجموعة القصصية التي احتوت على ست وعشرين قصة تتحدث عن حالات عشق تداخلت مع واقع اجتماعي ما، أو اصطدمت بالحرب السورية، ولكن الغريب أن جميع القصص التي عالجها المؤلف انتهت إلى فشل العلاقة، رغم أنه كان يوحي في المقدمات بأن الحب هو من يقود الحياة إلى عالم السكينة والأمان.
وفي البنية الفنية مال القاص إلى الكتابة العفوية وترك نفسه تبوح بما لديه دون أن يتدخل في الصنعة القصصية، لذلك جاءت أغلب القصص على لسان أبطالها مع التركيز على أنوثة المرأة والجسد.
كما أن القاص لجأ إلى تقسيم قصصه إلى مشاهد في القصة الواحدة، في الوقت الذي أهمل فيها الزمان والمكان، وكانت هناك سردية طويلة توصيفية غير متحركة قد تضر بالقصة.
ومن يتابع قصص” متاهة عشق” لا بد سيلحظ أن أبطالها في غالبيتهم من المقهورين، ولكن الملمح الأبرز في هذه المجموعة هو الواقعية الجديدة، وهي اتجاه أدبي يلتقط أفكاره ونماذجه من حياة الناس وواقعهم ويعيد بناءها بفنية ورؤية القاص.
ويتوقف أحمد هلال عند آليات التشكيل السردي التي لم تكتف بأن تجعل من النص مشهدية بوح مبررة بما يفعله العشق أو نقصه في ذوات الشخصيات، بل تذهب إلى استدعاء المصاحبة النصية لتشي ببلاغة الحالة، وهذا مكمنها التعضيدي التأويلي والذي يرسمه الخطاب القصصي وينزع إلى كليته بتكامل أجزائه.
وأضاف: إن لغة القص عند المؤلف تتناغم مع ثيمة العشق، وتذهب إلى اصطفاء معادلاتها اللغوية عبر مستويات تعكس خطاب الشخصية ولا سيما النسوية، الخطاب المتحرك في كل الأزمنة والجهات والتي تتقاطع فيه مصائر إنسانية تحيا وسط الصراع كما جاء في حياة” ماجد” العاطفية بعد معرفته” بدلال” التي أحبها وحارب الريح من أجلها.
وشارك الحضور بعدد من المداخلات أغنت الندوة وكانت قيمة مضافة، وخصوصاً حول الإشكالية التي طرحتها المجموعة القصصية بدءاً من العنوان مروراً بالمحتوى وصولاً إلى فنية القصة وطريقة معالجة النص والحوار واللغة.
فاتن أحمد دعبول
