تأتي بعض الفعاليات الثقافية الحالية، كردة فعل عفوية للخروج من فترة الحجر الطوعي، والوضع الجديد الذي فرضه انتشار وباء كورونا أو كوفيد 19. فمعرض الفن ينير الظلام، الذي تقيمه جمعية شموع السلام، في ثقافي كفرسوسة، بمشاركة أسماء محترفة وشابة، يمنح المشاهد في النهاية حركات لونية مشرقة، قادرة على الانفلات من الأحاسيس السوداوية، المعاشة في عمق حياتنا اليومية المعاصرة، وتنمي الإحساس بأهمية الحوار الفني والثقافي، وتعمل على تطوير التجارب الفردية، وتساهم في تجاوز مشكلة التقوقع، وترفد الثقافة البصرية بتطلعات جديدة.
والموضوعات المختلفة، والأساليب المتنوعة، التي رأيناها في بعض المعارض الفردية والجماعية الأخرى، التي أقيمت في الآونة الأخيرة، بغض النظر عن مستوياتها الفنية، تطرح إشكاليات جمالية مفتوحة على كل الحضارات والأزمنة، لأن كل نشاط تشكيلي معاصر، حتى لو كان عبثياً وسطحياً، يتغذى من بعض الطروحات والجماليات الحديثة والمعاصرة.
ولم تكن المعارض والندوات التكريمية التي تقام في مرحلة الحظر الطوعي، ومن ضمنها تكريم الفنانة ليلى رزوق، الذي سيقام في مركز ثقافي كفرسوسة مساء الأحد في 13 من أيلول 2020 إلا خطوة لكسر حاجز هيمنة مافيات ودكتاتوريات التكريم، التي كانت تكرر تكريم نفس الأسماء، وبالتالي فهو يساهم في تجاوز مشكلة خلط الأوراق، التي تصيب الكبار بغبن وظلم مريع وواضح.
وبسبب الوباء الفتاك تم تأجيل العديد من المعارض، من ضمنها معرض الفنانة الطبيبة فيفيان جبور، الذي كان مقرراً افتتاحه في مركز ثقافي أبو رمانة. وأعمالها تفرض على المشاهدين نوعاً من الواقعية الشديدة الوضوح والبروز، وهذه الحقيقة نلمسها حين نتأمل ملامح الوجوه والكتب القديمة والشموع والآلات الموسيقية وغيرها، فالتحدي في إنجاز هذه المجموعة من اللوحات يكمن في قدرتها على التقاط التعابير الحية والمباشرة، بما فيها من سمو معنوي أو فني أو دقة تشير إلى الصبر والجلد والتأني.
وهذا يعني أن الفنانة لم تكتفِ بامتلاك المهارة التقنية والدقة في تجسيد العناصر الواقعية، وإنما تمتلك القدرة على تجاوز الواقعية في مقطع آخر من اللوحة، وخاصة في المقاطع المرسومة بخيوط دخانية.
رؤية – أديب مخزوم