الثورة أون لاين-هفاف ميهوب:
بعد تاريخٍ من الانتهاكات
إذا كانت المصادفة هي من جعلت الكاتب والباحث “منير العكش” يعثر على وثائق أميركية رسمية، ترسم بدمٍّ باردٍ خططاً لقطع دابر نسل الملايين من الفقراء والمستضعفين داخل أميركا وخارجها، عن طريق تعقيم النساء وقتل الأجنة في الأرحام، وبهدف القضاء على النمو السكاني، والحفاظ على التميز الأميركي العرقي. إذا كانت المصادفة هي من فعلت ذلك، فحتماً لم تكن هي من جعلت صحف ومجلات امبراطور الإعلام “وليام هيرست” تحذر في عام 1915، من “خطر الحروب والإبادات الامريكية التي ستغرق مستقبل أميركا والعالم بالدماء”.
لقد رصد “العكش” هذا التحذير، في هذه الوثائق التي تتألف من 107صفحات، والتي أكّد علماء وقضاة وسياسيون ورؤساء أميركيون فيها، على ما أكدته “فكتوريا وودهل” أول امرأة تترشح للرئاسة الأمريكية، وفي قولها:
“كل العقول اللامعة هذه الأيام تقرُّ بضرورة استيلاد المجتمع المتفوق المنشود، وتعبر عن كراهيتها لأن يكون البلهاء والمجرمون والفقراء وغيرهم من “الطالحين” مواطنين في المجتمع الأمريكي، وتلح على ضرورة تعقيمهم وقطع دابر نسلهم”!!.
حتماً، لم يكن رصد كل هذا مصادفة، فما أكثر ما وثّقت الجرائم التي لم تستخدمها أميركا ضد الشعوب المستضعفة فقط، وإنما أيضاً ضد أبنائها من السود الأفارقة. أولئك الذين تفاقمت خسّتها وقذارتها في طريقة إبادتهم، لدى قيام صياديها البيض وحتى عام 1919، باختطاف الأطفال الرضّع من أمهاتهم المستعبدات، ووضعهم بالقرب من البحيرات، بعد ربطهم بحبلٍ طويل وتركهم يبكون بطريقة، ما أن ينجذب التمساح فيها إلى الطفل ويبتلعه، حتى يسحبه الصياد ويقتله ليستخدم جلده فيما بعد، في صناعة الأحذية والحقائب الجلدية.
للأسف، لم تُكشف هذه الممارسات العنصرية، إلا بعد سنوات طويلة إن لم يعرف خلالها العبيد سبباً لاختفاء أطفالهم، إلا أنهم عرفوا بأن ما يحصل يتعلق برغبة أميركا بالتفوق العرقي، ولو بأحطّ الطرق التي لم تشهد مثلها البشرية.
كل هذا يدفع للسؤال، هل من المصادفة أيضاً، أن يتم الكشف عن هذه الجريمة العنصرية في عام 1923، ومن قِبل جريدة “التايمز” الأمريكية؟!!.
بالتأكيد هي ليست مصادفة، وإلا لما تحولت هذه الجريمة إلى تقليدٍ فلكلوري ظلّ يمارس حتى عام 1924 في أكثر من ولاية.
أخيراً، لابد من التذكير بما أورده “العكش” عن “جون هولدرن” الذي كان مدير مكتب السياسة العلمية والتكنولوجية، والمساعد الخاص بقضايا التعليم والتكنولوجيا.. ما أورده عن هذا “الهولدرن” الذي “بشّر الإنسانية في كتابٍ ألفّه مع اثنين من علماء الحياة والسكان، بعصر تفرض فيه الولايات المتحدة على شعوب الأرض “حزام عفة” إلكتروني، يُزرع تحت جلد كل ذكر وأنثى، ولا يُنزع إلا بإذن رسمي من “الأخ الأكبر” وبمعالجة طعام الشعوب وشرابها بعقاقير التعقيم”.
هاهو الواقع يؤكد كل ماتمّ رصده عن أميركا ومخططاتها الإجرامية. لكن، ماذا نفعل؟. حتماً لا شيء، لطالما لن يتغير وعلى رأي “العكش”:
“لن يتغير شيء، حتى تدرك أميركا بأنها ستدفع الثمن من اقتصادها وبشرها”.