يغدو من السهل تعويض الفاقد التعليمي الذي فرضه وباء عالمي راح ضحيته مئات الألوف، عن طريق دروس خصوصية أو بخطة تعليمية محكمة وواضحة، عبر المنصات الإلكترونية أو الفضائية التربوية، ومزيد من الحصص الدراسية في بداية العام الدراسي، ولكن من الصعوبة تعويض الفاقد الصيفي من تسلية ومتعة ولعب وترفيه خلال العطلة الصيفية، افتقدها أغلبية طلابنا رغم امتداد العطلة المدرسية أشهر، وذلك تنفيذاً لإجراءات وقائية احترازية لمواجهة الكورونا، والتباعد المكاني والاجتماعي كان أحد أهم بنودها، الأمر الذي ضيق على أطفالنا خيارات التسلية حتى مع أقرانهم في الحارة أو مع أقربائهم في زيارة عائلية خوفاً من كورونا تنتشر بالعدوى، ونسيطر عليها بالوعي.
أضف إلى ماسبق غلاء أسعار الحاجات الضرورية للأسرة الذي حرمها تنزه إلى الجبل أوالبحر، لكسر روتين أشهر، ولشحذ الهمم وتجديد الطاقة للعطاء والعمل والمثابرة والمتابعة من جديد.
ليس هناك أصعب على الآباء من رؤية أبنائهم، يشتكون الملل والضجر والتأفف من عام دراسي مقبل، ويعلنون عدم استعدادهم العقلي والجسدي للالتزام المدرسي والجد والمثابرة، من هنا نعيد ونكرر أهمية دور ومسؤولية الأهل وثقافتهم التربوية في انتشال أبنائهم من أي احباط أوملل أوعجز وذلك بتخصيص وقت لهم مملوء بالتفاعل والتعاطف، يتبادلون معهم المشاعر والأحاسيس يستمعون إليهم بحب، آباء داعمون نفسياً وجسدياً، صادقون في اللقاء مع أبنائهم والحديث إليهم.
ويبقى الدور الأكبر والاعتماد على مدارسنا فالاهتمام بأطفالنا وشؤونهم الصحية والنفسية والتعليمية ضرورة استراتيجية ولاأظن أن الأمر بحاجة إلى وفرة مادية، بل تركيز على الرعاية والاهتمام والعناية بطلابنا بتفعيل الحصص الفنية من رياضة ورسم وموسيقا وجمعيها تسهم في إعادة التوازن والتخلص من المخاوف والعودة إلى الطمأنينة وتزودهم بالنشاط والمتعة والتعلم والإبداع، ولابأس بألعاب تعليمية وفعاليات وأنشطة خلال الفرصة تنمي المهارات العقلية وتخلق حب الروح الجماعية والتنافس والانضباط والالتزام بدل التزاحم والتدافش والمشاجرات والتي تلحق أضراراً كثيرة بالطلاب.
هذا العام نحن بأشد الحاجة لشراكة حقيقية بين الأهل والمدرسة، لاتنحصر في أنشطة موسمية وجزئية، وتغيير الصورة المألوفة عن اجتماعات أولياء الأمور التقليدية التي تقتصر على الأمورالدراسية وإدخال عناصر تربوية تهم أولياء الأمور وتتعلق بشخصيات أبنائهم وسلوكهم أكثر من تعلقها بانجازهم الأكاديمي وتحصيلهم المعرفي.
عين المجتمع – رويدة سليمان