الثورة أون لاين – بقلم أمين التحرير- ناصر منذر
في ظل تعقيدات المشهد الدولي، التي تفرضها سياسة الهيمنة الأميركية الساعية للهيمنة والتفرد، وتصدي الكثير من الدول وفي مقدمتها سورية وروسيا لتلك السياسة، حملت زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى إلى سورية الكثير من الرسائل والدلالات الهامة، التي تؤكد بأن البلدين قد تجاوزا حدود الصداقة التقليدية، ويجمعهما حلف استراتيجي توج بوقوفهما معا في خندق واحد ضد الإرهاب، الذي يشكل خطراً وجودياً ليس على سورية وحسب، وإنما على المنطقة والعالم بأسره، فأثبت هذا التحالف حضوره وتأثيره القوي على مجرى الأحداث الإقليمية والدولية.
منظومة العدوان بقيادة إدارة الإرهاب الأميركية، تستميت اليوم لفرض أجنداتها في سياق مشروعها الفوضوي والتدميري المعد لسورية ودول المنطقة برمتها، وتستنزف كل أدواتها وعملائها من أنظمة مرتهنة، وتنظيمات إرهابية، وميليشيات انفصالية حاقدة ولكنها لا تزال تصطدم بالمعادلات الميدانية التي يفرضها الجيش العربي السوري بمساعدة حلفائه على الأرض، وهذه المعادلات تستمد قوتها من بطولة وصمود جيشنا الباسل من جهة، ومن ثبات الموقف الروسي الداعم من جهة ثانية، ومن هنا فإن التأكيد الروسي مجدداً على مواصلة تقديم الدعم لسورية في حربها ضد الإرهاب، هو رسالة واضحة بأن سيادة وسلامة ووحدة الأراضي السورية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن المراهنة على تمرير أجندات انفصالية مصيرها الفشل المحتوم، كما هو رسالة لكل المراهنين على إبقاء ادلب بؤرة دائمة للإرهابيين وداعميهم، بأنه لا يمكن السماح بأن تتحول هذه المحافظة إلى “ملاذ آمن” للتنظيمات الإرهابية التي تعيث فيها خراباً وتدميراً، وهي إشارة تأكيد واضحة أيضاً بأن الاتفاقات الحاصلة بشأن إدلب هي مؤقتة وليست دائمة، وبأن التنسيق بين دمشق وموسكو لتحرير جميع الاراضي السورية من الإرهاب مستمر، فاستعادة الأمن والاستقرار عامل أساسي لتحقيق النجاح على مسار الحل السياسي.
ما حققته الدولة السورية من انتصارات ميدانية وسياسية، أصاب المشروع الصهيو- أميركي في مقتل، وزاد من توحش الولايات المتحدة التي انتقلت بحربها الإرهابية إلى مرحلة أشد خطورة عبر إعادة استنساخ عقوباتها الجائرة تحت مسمى قانون “قيصر”، ويساندها في ذلك أتباعها الأوروبيون، وهنا جاءت الرسالة الروسية الأبلغ: ” نعمل حالياً على خرق هذا الحصار”، وهذا بطبيعة الحال تمليه قوة ومتانة التحالف السوري الروسي الاستراتيجي، لاسيما وأن روسيا نفسها تعاني من العقوبات الأميركية والغربية وسبق وأن أكدت في وقت قريب: ” أنها وسورية اللتين نجحتا في الصمود وتجاوز الكثير من الصعوبات من المستحيل تحطيمهما بالإرهاب الاقتصادي”.
إطالة أمد الازمة هو أكثر شيء باتت تراهن عليه أميركا اليوم، بعد فشل رهانها على إضعاف سورية بخنجر الإرهاب، وهذا يتضح من خلال وضعها تلالاً من العراقيل أمام أي حل سياسي، هي تريد من وراء إملاءاتها المتواصلة على أدواتها ممن تسميهم بـ” المعارضة” التحكم بمسار أي عملية سياسية محتملة وفقا لشروطها، علها تحصل في السياسة ما عجزت عنه في الميدان، وهذا ما دأبت عليه خلال اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، ولكن التأكيد الروسي على أن أي عملية سياسية يجب أن يقودها السوريون بأنفسهم، وهم من يقررون مستقبل بلدهم، يثبت الرؤية الواضحة المشتركة بين الجانبين السوري والروسي في كل ما يتصل بهذا الشأن السيادي، ويقطع الطريق على المتلاعبين بهذا المسار، أميركيين كانوا، أم أوروبيين، أم عثمانيين جدد.
النتائج المثمرة لزيارة الوفد الروسي هي انعكاس بكل تأكيد للعلاقات القوية والمميزة والمتنامية بين الشعبين السوري والروسي ولحالة التفاهم والتنسيق المستمر بين دمشق وموسكو في كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وحيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ولا شك بأن هذه العلاقات تقوم على مبدأ الثقة والاحترام المتبادل، بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين.