لعل السنوات الأخيرة في حياة المواطن السوري تستحق وبجدارة أن تكون سنوات المفاجأة.. فوزارة التجارة الداخلية تتفاجأ دائماً بعدم إعلان الباعة والتجار عن الأسعار، ناهيك عن تفاجُئها الأزلي بالمواد منتهية الصلاحية..
أما الصحة “قبل التغيير الحالي” فمفاجأتها أكبر وأعقد، إذ لا تكاد تستعيد توازنها من مفاجأة قدوم جائحة أنفلونزا، حتى يصيبها الذهول من قدوم الخريف وحاجة المواطنين للصادات الحيوية وسواها أكثر من قبل..
ليست هذه المفاجآت وليدة اللحظة، بل هي نتاج غياب التفكير السليم وتأجيل عمل اليوم إلى ما بعد غد، فالضيق الاقتصادي والحصار ليسا بجديدين علينا إذ نعاني منهما منذ سنوات ثمان، وصعوبة توريدات الأدوية هو واقع بدأ آنذاك ومع ذلك لم تخرج علينا الصحة خلال السنوات الخمس الماضية بطريقة واحدة تضمن تلافي الأخبار المهولة التي نسمع عنها حول الصيدليات يومياً، والتي باتت أكثر وضوحاً مع اشتداد جائحة كورونا..
فهل عاشت الصحة سنوات خمس من المفاجأة اليومية بالحصار!! أم أن حاجة الناس للدواء لتستمر الحياة شكّل مفاجأة أذهلت الصحة لسنوات تجاوزت الخمس..!!
على ذات المنوال نسجت التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي لم تكلّ ولم تملّ من إعلان عدد ضبوط بحق الباعة، فما بالك بمحتكر القلّة أو التاجر الذي يخزّن آلاف الأطنان من كل مادة غذائية في مستودعاته، ويحسبها على أساس الدولار الذي جرّم القانون التعامل به أو بموجبه..
هل هي المفاجأة التي تقيّد قدرة التموين على مداهمة مستودعات يعرفها كل مواطن في منطقته، أم أنها حتى اليوم لم تخرج من ذهولها نتيجة سلوك التجار..!! والأمرّ فهو حالة المفاجأة التي تعيشها التموين حالياً نتيجة سويّة الأسعار القائمة في السوق من دون رابط أو ناظم لها.. بل كل من يريد يضع السعر الذي يريد لكل ما يريد دون أن يحسب أدنى حساب للتموين المتفاجئة على مر السنوات..!!
دقيق هو الوضع.. والأرتال التي نراها اليوم قد تلتهم المساحات المتبقية من الشوارع في حال نشوب أزمة جديدة لمادة جديدة.. ويبدو أن الخبز مرشح لنيل كأسها وبجدارة..
الكنز-مازن جلال خيربك