كلما ضاقت الخيارات أمام إدارة الإرهاب الأميركية، تعاود تكرار استراتيجيتها الهدامة المرتكزة على استثمار الإرهاب، وتدوير زواياه مجدداً لرفع منسوب الضغط على سورية، على أمل تكريس واقع احتلالي تفرض من خلاله نفوذاً طويل الأمد، يمكنها من إحداث تغييرات جذرية على خارطة المنطقة، سياسياً وجغرافياً، بما يتوافق مع رؤيتها الاستعمارية، ويمد من عمر الكيان الصهيوني، وهذا ما تجسده التصرفات العدوانية الأميركية على الأرض.
الممارسات الأميركية تتعدد أشكالها وفصولها، وهي لا تتوقف عند دعم الإرهاب وسرقة ثروات السوريين وحسب، وإنما تتعداها إلى حد الاستماتة لترجمة مخططاتها التقسيمية على أرض الواقع، والتي تستهوي متزعمي ميليشيا الخيانة والعمالة “قسد”، التي ارتبط وجودها مع ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، فلم تنقطع لقاءات المسؤولين الأميركيين مع أصحاب النزعة الانفصالية، لإعطائهم التعليمات اللازمة في سياق الدور الوظيفي المرسوم لهم، وهذا هو المدعو جيمس جيفري الذي ارتبط اسمه بدعم التنظيمات الإرهابية، وتولى مهمة عقد معظم اللقاءات والاجتماعات مع متزعمي تلك التنظيمات لتنسيق اعتداءاتهم الممنهجة، والإشراف على عملياتهم التخريبية، يتسلل مجدداً إلى مناطق سيطرة مرتزقة “قسد”، ضمن محاولات إدارته المتواصلة لتثبيت هذه الميليشيا على الأرض، ومدها بكل لوازم البقاء والحماية، لتكون كياناً إرهابياً موازياً للكيان الصهيوني، يعملان معاً لاستكمال مخطط تقسيم المنطقة بما يتوافق مع أجندات المشروع الصهيو-أميركي.
من يدقق في مجريات الأحداث، يجد أن ثمة علاقة متلازمة بين الإدارة الأميركية وبين “قسد” و”داعش”، وهذا يعكسه الحرص الأميركي الدائم على توفير الحماية لكلا الأداتين معاً، لما يشكله دورهما الوظيفي من عامل مساعد على تنفيذ المخطط الأميركي، وهنا لا نستغرب عملية نقل عدد من متزعمي “داعش” عبر حوامة من سجن الصناعة بحي غويران في الحسكة إلى قواعد المحتل الأميركي في حقل العمر النفطي بريف دير الزور لضمان استمرار سرقة النفط ، بالتزامن مع لقاء جيفري ومتزعمي “قسد”، فلطالما كانت الاجتماعات بين المشغل الأميركي وأدواته تهدف إلى تنفيذ سيناريوهات عدوانية جديدة على الأرض، بقصد إحداث تغيير جديد في المعادلات الميدانية، لتحقيق أهداف سياسية عبر الضغط والابتزاز.
نظام أردوغان لم يخرج عن دائرة الاستثمار الأميركي في الإرهاب أيضاً، فهذا النظام الإخواني يتكامل دوره الإجرامي مع دور “قسد وداعش”، فيحرك قطعان إرهابييه في إدلب وفق التوقيت الأميركي، وما كشفه مركز حميميم عن تخطيط إرهابيي” النصرة”، لتنفيذ استفزازات كيميائية في مدينة أريحا وبلدة بسامس بغية اتهام الجيش العربي السوري، يتساوق مع سلسلة الضغوط الأميركية المتصاعدة، التي ركبت الحكومة الهولندية موجتها أيضا، كواحدة من الأدوات الأوروبية التي يستخدمها الأميركي في سياق مشروعه الإرهابي.
الولايات المتحدة تعمد للهروب إلى الأمام دائماً، في ظل الهزائم التي يتلقاها مشروعها الاستعماري في سورية والمنطقة، وعلى المستوى الدولي أيضاً، فباتت تحارب المجتمع الدولي بأسره، لفرض قانون شريعة الغاب الذي تنتهجه، وعقوباتها الأحادية الجديدة ضد إيران، على خلفية هزائمها المتلاحقة في مجلس الأمن الدولي، تريد من ورائها إبلاغ العالم بأنها قادرة على تنفيذ ما تريده، وأن باستطاعتها اختطاف الدور الأممي من دون أن يحاسبها أحد، ولكن سرعان ما ستدرك أخطاء حساباتها لاحقاً، لأن العالم أجمع بات يضيق ذرعاً من تحديها السافر للقوانين الدولية، والمواثيق الأممية.
نبض الحدث -بقلم امين التحرير ناصر منذر