معا على الطريق- احمد ضوا
يتكامل دور الاحتلالين الأميركي و التركي لمناطق من الأراضي السورية مع بعضهما البعض في تعويض دور الوكيل الإرهابي الذي دحره الجيش العربي السوري على أوسع نطاق داخل الأراضي السورية.
فالمحتل الأميركي أخذ دور تنظيم داعش الإرهابي الذي كان ينهب النفط السوري ويبيعه للنظام التركي بينما نظيره التركي يواصل دعم التنظيمات الإرهابية في إدلب ويعرقل تطهيرها من الإرهاب إضافة إلى إدامة عدم الاستقرار على الحدود التركية السورية واللعب الخبيث بالديمغرافيا السورية .
لن يسهم تكرار القول إن الاحتلالين التركي والأميركي لا شرعية لهما ويخالفان القانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن التي صدرت حول سورية التي أكدت على سيادتها ووحدة أراضيها في مغادرة هؤلاء المحتلين والمغتصبين لأراضٍ سورية على الاقل في المدى القريب الأمر الذي يستدعي البحث عن خيارات بديلة تؤدي في نهاية المطاف إلى مغادرة المحتلين طوعا أو جبرا لمناطق تواجدهما في سورية .
يربط المحتل الأميركي سحب قواته بانجاز العملية السياسية في سورية طبعا وفق ما يراه مناسبا لمصالحه التي عجز عن ضمانها بدعمه للإرهاب بينما يحاول النظام التركي الحفاظ على أدواته الإرهابية وإطالة أمد الحرب في سورية أملا بإيجاد موطئ قدم لأطماعه العثمانية وضمان تأثيره في العملية السياسية في السياق الذي ترسمه له الولايات المتحدة.
ترفض سورية بشكل قاطع وحاسم أي تدخل خارجي في العملية السياسية مستندة إلى ارثها السياسي التاريخي وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التي حصرت هذا الأمر بالشعب السوري وبالتالي باب التفاوض مغلق مع الأميركي والتركي في هذا الشأن وهذا ما أكده الرئيس بشار الأسد أن الحكومة السورية لن تعطي مجالا لرعاة الإرهاب ليحصلوا على أي شيء عبر العملية السياسية مما عجزوا عن تحقيقه بدعمهم للإرهاب.
في ظل انعدام جدوى التفاوض السياسي مع المحتلين التركي والأميركي على سحب قواتهما من سورية يجب أن تعمل الحكومة السورية على خطين الأول: تنشيط التفاعل والحوار مع كل القوى والأحزاب الوطنية التي ترفض المساس بسيادة ووحدة الأراضي السورية وخاصة الناشطة في أماكن تواجد المحتلين المذكورين وصياغة عقد وطني جديد يحمي البلاد ويسحب الغطاء عن أولئك العملاء والميليشيات الذين يعملون بإمرة مشغليهم الأتراك والأميركيين وشيئا فشيئا تنتفي دواعي احتلالهم أمام التكاليف الباهظة دون جدوى .
وبالتوازي مع ذلك تبرز أهمية الخط الثاني وهو مواصلة الخيار العسكري واستخدام تكتيك استعادة المساحات من التنظيمات الإرهابية في إدلب تدريجيا إضافة إلى دعم المقاومة الشعبية في شمال شرق سورية بما يكفل دفع جميع القوى على الأرض إلى الاقتناع الكامل أن الدولة ماضية في استراتيجيتها لاستعادة سلطتها القانونية على كل التراب السوري و ترسيخ هذه القناعة من شأنه تغيير القناعات ودحض الإشاعات وعمليات التضليل التي يغذيها المحتلين الأميركي والتركي لدى السكان في تلك المناطق .
ان فرض الولايات المتحدة وحلفائها المزيد من حزم العقوبات القسرية الظالمة على الشعب السوري يحمل بين طياته العديد من الأهداف ومن ضمنها محاولة تغيير أولويات الدولة السورية ودفعها فقط للالتفات مواجهة تداعيات هذه العقوبات على الشعب السوري.
من المعلوم للجميع أن الوصول إلى استعادة السيادة السورية على كامل التراب السوري هو أولوية بالنسبة للقيادة السورية و تعمل الحكومة السورية على المستويين الداخلي والدولي ومع الحلفاء لإنهاء هذا الملف بما يكفل سيادة الوطن ووحدة ترابه رغم الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة والعالم آخذة بعين الاعتبار تفويت الفرصة على المحتلين باستغلال احتلالهم لمناطق سورية لفرض خيارات سياسية على الشعب السوري .
لا شك أن الظروف السياسية والاقتصادية تؤثر على إمكانيات وقدرات الحكومة السورية على الأرض ولكن من الواضح أن الأميركي والتركي يستغلان الوقت في سعيهما لتحقيق مصالحهما و محاولة فرض إرادتهما على الشعب السوري وهذا ما يوجب أخذه بعين الاعتبار والحد من أخطاره السياسية والديمغرافية .