إصابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفيروس كورونا، وخضوعه للعلاج والتكتم على حقيقة وضعه الصحي، قبل نحو شهر من خوضه الانتخابات الرئاسية، يقلب المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب ويحول “صحة” الرئيس مادة دسمة في الإعلام الأميركي والعالمي، ولا سيما بعد تناقص حظوظه في استطلاعات الرأي إثر مناظرة غير موفقة ضد خصمه الديمقراطي جو بايدن، ولكن مواظبة ترامب على الحضور المستمر على التويتر يعطي انطباعاً بأن المرض نفسه أصبح ورقة أو مساحة للاستثمار ومحاولة لترميم الشعبية المفقودة من زاوية التعاطف.
المتابع لما يجري في أميركا في الأشهر الماضية يتوصل إلى معطى شبه حاسم، بأن التجديد لولاية رئاسية ثانية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لترامب، وما يدعم هذا الافتراض هو تهديده بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات في حال فوز منافسه، وعدم مغادرة البيت الأبيض ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية في البلاد، في انقلاب على الدستور والأعراف الأميركية، متهماً خصومه الديمقراطيين مسبقاً بالسعي لتزوير الانتخابات، وهو بذلك يقر بعجز المؤسسات الأميركية عن إدارة انتخابات نزيهة ويشكك علناً بـ”الديمقراطية” التي يتغنى بها الأميركيون، ولما لا فقد كان فوز ترامب قبل أربع سنوات موضع تشكيك وما يزال.
إصرار ترامب على الفوز بالرئاسة مجدداً وبأي طريقة ومهما كان الثمن، حتى ولو استثمر في مستقبل أميركا وأرواح مواطنيها، يطرح تساؤلات كبيرة حول حجم ونوع الكوارث الجديدة التي ينوي جرّ العالم إليها في حال فوزه، ولا سيما أنه جعل منطقة الشرق الأوسط أشبه ببرميل بارود ينتظر شرارة، فيما العالم يعيش أجواء حربه الباردة مع الصين بسبب سياسته العدائية، إلى جانب حروبه العسكرية والاقتصادية والتجارية والمالية والتكنولوجية التي تدفع أثمانها شعوب ودول العالم كافة.
أميركا اليوم تعيش في ظل وبائين أخطر من بعضهما، كورونا وترامب، وإذا كتبت النجاة للأميركيين من الوباء الأول، فلا أحد يعلم ما ينتظرهم وينتظر العالم بسبب الوباء الثاني في حال التجديد له أو خروجه سالماً من معركة الكورونا..لأنه وباء لا لقاح له سوى وعي الأميركيين أنفسهم…فهل يفعلون؟!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود