بانتظار رسالتها …

حين كان الحبر والورق شغف العشاق أزدهت الرسائل وبلغت مجداً لا يدانيه أي مجد.. في القرى سيكون الحدث عظيماً حين تصل رسالة من قريب مهما كانت درجة القربى يشعر من تصله بالفخر والاعتزاز وهو يتلو ما سطره المرسل تحت شجرة توت أو في سهرة شتائية ..

وكان لنا نحن الصغار نصيب من الفرح حين يطلب منا الآباء أن نترجم ما في المكتوب..

بعضنا يقرأ بسرعة البلبل والآخر يتأتئ كما لو أنه يترجم من لغة لا أحد يعرف أسرارها..

وحين شببنا عن الطوق كانت رسائل الغرام تدريباً مهماً على التعبير ولم نجد ثمة غضاضة في أن نستخدم جملاً وعبارات جاهزة.. كتبت لك بالمقلوب حتى تدوم المحبة بالمقلوب..

كتبت لك بالرصاص حتى يبقى الحب والإخلاص..

ولا أنكر أني كنت أستل من كتب جبران ما أجده يخدم الغرض وأدبج به رسالة تصل غايتها، لكن وياللحظ العاثر لا جواب..

وبمناسبة اللهفة لانتظار رسالة ما.. قالت لي سيدة الضوء: لقد أرسلت لك بالبريد بطاقة معايدة إلى عنوانك في القرية.. والغريب في الأمر أني ما زلت أنتظر وصولها منذ عام ١٩٨٥م، ولكن كلما تذكرت أننا كنا نأخذ الرسائل من البريد بحجة أننا سوف نقوم بتوزيعها.. أعرف مصير الرسالة التي ما أزال انتظرها..

اليوم في ثلاجة الحياة وعبر هذا المحمول تحولنا إلى رموز وأرقام.. صناديق بريد.. رسالة شراء خبز.. شراء السكر والأرز.. انتظار رسالة المحبوبة الزرقاء حورية المطبخ.. محروسة البيت جرة الغاز..

وتدخل رسائل الوسائط الأخرى مسابقات وأبراج ودعوة للاشتراك بهذه المسابقة وتلك ونغمة رنين ما..

ولا أنكر أني يوماً ما كنت من ضحايا رسائل مسابقة.. مئة رسالة بمئة جواب.. وعلى أمل الربح.. لكن المفاجأة صباحاً برسالة من MTNعليك تسديد ١٤ ألف ليرة حتى لم يقولوا لي أنك قد دخلت السحب.. ومازالت رسائلهم تقرع أذني كل يوم..

نعم لا شيء يحمي مغفلاً يصدق وعد شركة ما.. ولكن ما من قانون في العالم يتيح لأي جهة كانت أن ترسل لك متى شاءت وبأي توقيت رسائل..

لقد فقدنا كل إحساس بالفرح تحولنا إلى نبضات على شاشة محمول تنبض وتخمد.. ولا ومضة فرح..

لكن هاجساً يقول لي.. إن رسالتها التي مضى عليها ثلاثون عاماً ونيف لا تزال تدور لتصل إلي.. ومع كل صباح أوشك أن أقول لها: اكتبي لي رسالة وضعيها من جديد بصندوق بريدي الذي استأجرته ولم تصلني عليه أي رسالة حتى تلك التي كنت أطلب توجيهها على الرقم كانت تحول إلى صندوق بريد العمل.. ترى هل سأنتظر رسالة مكتوبة ليست شفوية ولا من صقيع العالم الأزرق.. الأمل قائم.. حتى لو كانت حروفها كما تقول فيروز (طايرين).. أنتظر رسالة من شغف من حبر من أمل وعبق الحياة.. رسالة عطرتها قطرات عرق من جبين عامل أو فلاح أو من غبارعلى وقع أقدام جندي سوري يصنع الكرامة والمجد لنا.. أنتظر رسائل لا أدري من سيكتبها لكنها تكتب الآن وقد تصل غداً أو بعد غد، ستصل لأن رسالتنا وصلت العالم كله، أما حان أن تصل إلي.. إلينا.. إليهم..؟

معاً على الطريق …ديب علي حسن ..

 

آخر الأخبار
العودة إلى "سويفت".. اختبار حقيقي لجاهزية البنية المصرفية التسعير والسوق.. هل حان وقت إعادة ضبط الآلية؟ وحدة كردية أم انحسار استراتيجي؟.. سحب أوراق "قسد" وإعادة رسم التوازنات في دمشق  "أمازون": هجمات سيبرانية إيرانية تمهد لعمليات عسكرية مباشرة نقص حادّ بخدمات البنية التحتية في "بابا عمرو" بحمص  "نقل اللاذقية".. جودة بالخدمات وسرعة في إنجاز المعاملات  بمشاركة وفد أردني و233 شركة محلية ودولية.. انطلاق معرض "سيريا هايتك"  بعد جولته في الجنوب السوري.. نتنياهو يتحدث عن الاتفاق الأمني على منصة "أبو علي إكسبرس"  سوريا تعيد تنشيط بعثتها الدائمة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتعيّن مندوباً دائماً  تخريج  نحو 500 طالب وطالبة طب أسنان وصيدلة في جامعة حمص  مدير تربية حلب يعد معلمي مناطق الشمال بدعم مطالبهم إدانات سعودية وكويتية لانتهاك سيادة سوريا.. واستفزاز إسرائيلي جديد في جنوب البلاد  الجولان السوري أرض محتلة.. الولاية فيه للقانون الدولي والشرعية حصرية لسوريا    الرئيس الشرع يستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية  ذراع "الكبتاغون" بين سوريا ولبنان.. نوح زعيتر في قبضة الجيش اللبناني أول رسالة عبر "سويفت".. سوريا تعود إلى النظام المالي الدولي    قاضية أميركية توقف قرار إدارة ترمب إنهاء الحماية المؤقتة للسوريين دمشق تستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية وزير العدل يعزز التعاون القضائي مع فرنسا  السودان يثمّن دور السعودية وأميركا في دفع مسيرة السلام والتفاوض