نحــن الشّـــجر ..!

 

كم تشبهنا هذه الأشجار التي تحترق وتموت واقفة رغم النيران، فالنار تأتي بكل عنجهيتها وجبروتها لتشعلها، في حين لا تقوم الأعشاب الطفيلية – التي تستظل بظلالها، وتتغذى من غذائها .. وتُفسدُ عليها تنفسها وأكلها وشربها – بالدفاع عنها، ولا بمنع النيران عن الاشتعال عنها وحولها، بل على العكس تتعمّد إذكاء تلك النيران، وتزيدها استعاراً ولهيباً، وربما تلك الأعشاب لا تعرف .. أو لا تريد أن تعرف بأن عشوائية تصرفاتها ستؤدي إلى احتراق الشجرة أكثر رغم أنها منبع غذائها، واحتراقها هي أيضاً، وفي الوقت الذي يمكن للشجرة أن تموت واقفة .. أو أن تعود للحياة بعد حين إن بقي فيها نبضٌ من نسغٍ يعطيها أملاً بتجدد الحياة، فإن تلك الأعشاب الطفيلية البائسة سرعان ما تموت لتصير رماداً بلا أمل.

هذه النيران الغاضبة التي لم تفعل لها الأشجار شيئاً سوى أنها شامخة باسقة ومعطاءة، تُصرّ بكل جبروتها على حصار أغصانها وجذوعها بمنتهى الظلم والجور والنيل منها ومن شموخها الذي وكأنه يكايدها .. !

هذه النيران المستعرة تشبه إلى حدّ كبير ذلك الحصار الجائر الذي تفرضه تلك القوى الغربية الظالمة على الشعب العربي السوري، والرياح الشرقية المرافقة القادمة من صحارى الخليج، والتي تريد إفقار هذا الشعب .. وإن استطاعت حرقه وقتله، وهو لا بدّ له من أن يصمد ويقاوم، وإنه ليفعل.

ولكن المشكلة الكبرى تكمن في تلك ( الأعشاب ) الطفيلية النامية على خيرات البلاد والسارقة لغذاء الأشجار، فهي الخطر الأكبر الذي بيدنا مكافحته والقضاء عليه، فالأمر لم يعد يحتمل أكثر من ذلك.

إن أي شخصٍ سواء كان مسؤولاً أم غير مسؤول لا يقوم بواجباته على أتمّ وجه هو عشبٌ طفيلي سارق لمقدرات البلاد وإمكاناتها، ونعتقد أنه من اليوم فصاعداً لا يجوز أن يكون هناك أي مكانٍ للمجاملات بعد هذه الكارثة الحرائقية المرعبة التي طالت مساحات شاسعة من الحقول والبساتين والغابات، فمن غير المعقول أن مئة حكومة مرّت وحكمت هذه البلاد منذ عشرات السنين لم تستطع أي واحدة منها أن تستفيق وتدرك أن هذه الغابات والحقول المجاورة لها تعيش حالة من الخطر الشديد من دون عناية وبنية تحتية قادرة على خدمتها وإطفاء حرائقها سواء كان بشق ما كان يلزمها من الطرق الزراعية وخطوط النار والأحواض المائية المنتشرة بينها والتي كلها كان يمكن أن تنقذها من اللحظات الأولى لاشتعال الحرائق .. وإنقاذ حقول الزيتون والأشجار المثمرة التي امتدّت إليها النيران بعد إضرامها، ما الذي كان ولا يزال يمنع ..؟! لا شيء سوى الإهمال وعدم الاكتراث وعدم الشعور بالمسؤولية .. بل والجهل والتخلّف، والاكتفاء بوظيفة تلك الأعشاب الطفيلية.

ما الذي كان ينقصنا لنفعل ذلك ..؟ في الحقيقة لا شيء سوى فقدان القرار السليم نتيجة الإهمال وما أشرنا إليه من مواصفاتٍ عشبيّة، فلدينا كل الآليات التي تستطيع ذلك، ولدينا المياه والأمطار، والإسمنت والحديد والإسفلت .. والكوادر الخبيرة، فماذا كنا ننتظر ..؟ ها قد وصلنا إليه .. !

على الملأ – علي محمود جديد

آخر الأخبار
الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا