من دون مقدمات، جميعنا يعاني ارتفاعاً غير منطقي في الأسعار، يزداد بشكل غير عقلاني، والسبب هو جشع التجار الذين يتلاعبون بالأسعار نتيجة الطلب الزائد، فالواقع العام للأسعار في أي بلد يتعلق بمجموعة من العوامل، يمكن اختصارها بشكل مبسط بالدخل ودخلنا ينتظر إجراءات تحسنه، إضافة للقوة الشرائية لعملتنا، فبلدنا يعاني من حرب وإرهاب لما يزيد عن 10 سنوات، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية جائرة لما يسمونه قانون قيصر الجائر، والحرب أدت إلى خروج الكثير من البنى التحتية والمنشآت الصناعية والإنتاجية من الخدمة، وهذا أدى إلى تراجع كبير في الناتج الإجمالي المحلي وتراجع في الدخل، الأمر الذي انعكس على الحياة المعاشية للناس، ما أدى إلى نشوء حالة من الاحتكار والانتهازية والاستغلال لدى بعض التجار إن لم نقل معظمهم.
طبعا أمام هذا الارتفاع في الأسعار يتوجب على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تتابع حال السوق لكن على ما يبدو أنها في واد والسوق والتجار في واد آخر، الأمر الذي يعني أنها غير قادرة على وضع حد لحالة الارتفاع غير المنطقي للأسعار، وبالتالي غير قادرة على معالجة وضع التجار المتلاعبين بقوت الناس، ولتعترف ربما بأن المراقبين هم شركاء مع التجار المتلاعبين بالأسعار على الرغم من أن الوزارة تؤكد على متابعتها لحال السوق، لكن على ما يبدو أن المتابعة تعطي نتائج عكسية.
طبعاً الأسباب التي ذكرناها تأتي مع محدودية الدخل، وهذا ما يلقي بظلاله الثقيلة جداً على المستهلك، ويصبح من الصعب جداً عليه القدرة على مواجهة هذه الموجات من الغلاء، وهذه الأسعار، وأمام ذلك يصبح المواطن في حالة صعبة جداً في كيفية تأمين لقمة عيشه.
ونحن نتحدث عن ارتفاع الأسعار غير المنطقي يضعنا أمام معضلة أن التجارة الداخلية غير مهتمة بهذا الموضوع وتترك الحبل على الغارب، وهي أصبحت لمصلحة التجار أكثر من مصلحة المواطن، وأيضاً بسبب عدم قدرتها السيطرة على المستوردين الذين يسعرون المواد التي يستوردونها بما يناسب جيوبهم، ويتخذون من العقوبات المفروضة كحجة لرفع الأسعار.
المسألة إذاً تحتاج لفرض عقوبات رادعة وقاسية بحق التجار الذين يتلاعبون بالأسعار، حيث يجب أن تكون العقوبة المفروضة عليهم عند التلاعب بالأسعار السجن لمدة شهرين على أقل تقدير بدلاً من فرض غرامة مالية قيمتها 25 ألف ليرة.
حديث الناس – إسماعيل جرادات