الثورة أون لاين – بشرى حاج معلا:
الكل بات يعلم أن الاقتصاد في أي بلد هو العمود الفقري لإنعاش أبنائه، والكل بات يدرك حجم التفاوت الاجتماعي اليوم بعد الأزمات المتتالية على الأسرة السورية حتى باتت تدخل في كل تفاصيلها بدءاً من حكايات الحب الأسطورية إلى التجاذبات المادية المتشعبة الأطراف.
فرغم الاختلافات في تحديد المعايير التي تصف الطبقة الوسطى وحجمها تحديداً، إلا أنّ هناك إجماعاً على ضرورة إيلاء هذه الطبقة خصوصية لما لها من دور في الحفاظ على توازن المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وحتى الأخلاقي…
ولدى استبيان قمنا به مؤخراً تناول عينات كثيرة ما بين أصحاب محال تجارية وأصحاب مهن ومتعلمين موظفين في القطاع العام و الخاص كان الخلاف واضحاً حول مستوى الدخل وحجمه وما بين المقدرة على التوازن في النفقات فكل الفئات والنخب معنية وهم يشكلون غالباً طبقة وسطى كما أكد لنا بعض الخبراء الذين التقيناهم أنّ أفراد هذه الطبقة غالباً ما يتمتعون بدخل كافٍ لعيش كريم، وتعتبر النخب الثقافية والمهنية وبعض النخب الاقتصادية (كالأطباء والمحامين، والمدرسين، والكتاب، وكبار موظفي الدولة) هم من يشكلون الطبقة الوسطى عادة.
ولكن كل ما تقدم هي فئات تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة، لكنهم يختلفون فيما إذا كانت قد تقلصت أم لا ، فالبعض يرى أنّ هذه الضغوطات قد تساهم في انزلاق شريحة في الطبقة الوسطى وهي “الشريحة الدنيا” إلى الطبقة الفقيرة، فيما يرى آخرون أنّ هذه الضغوطات ساهمت في تغيير بنية الطبقة الوسطى وتغير ملامحها.
أما الأهم فهو المطالبة دوما بضرورة إيلاء الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى الدعم اللازم والبعد عن شمولها بسياسات فرض الضرائب، والاتجاه إلى الشرائح الأعلى من الطبقة الوسطى التي “تبقى قادرة على تحمل جزء من هذه الضرائب”
فيما يرى آخرون أنّ هذه الطبقة التي يجب أن تدفع الضرائب تحتاج إلى توفر خدمات حكومية نوعية لها، كالتعليم والمواصلات والصحة.
الدكتورة سندس العلوش استشارية العلاج النفسي أشارت إلى مدى خطورة هذه الظاهرة وأثرها في الحياة الصحية النفسية السليمة حيث قالت: إن الاختلاف الطبقي أصبح واضحاً ما بين النخب المتعلمة حيث يلحظ الجميع أن الطبيب كما هو مشاع هو أعلى نخبة متعلمة لكن اليوم أصبحت النخبة هي من تحصل على المال والشخص الذكي هو الذي يتمكن من إنجاب المال.
حتى باتت النظرة المادية هي الأولى بالاهتمام حتى في أبسط الأشياء المتاحة فالمجتمع أصبح شكلياً مادياً ولو لم تكن الخلفيات الأخلاقية موجودة، أما بالنسبة للمحسوبيات هي أيضاً تلعب الدور الخفي، فالكل بات يعلم أن الجامعي يشتغل في الكافتيريات والمطاعم وأصبحت النظرة له دونية.
وهي عينات موجودة فعلياً وليست وهمية حيت يتم اختيار النخبة لتعمل تحت رعاية أصحاب المال.
وأكدت العلوش بقولها: من منا لم ينتقد الرجل الذي انتشر عبر مواقع التواصل والذي ظهر على إحدى القنوات واتهم المجتمع بعدم وجود المحتاجين فعلياً.. باعتبار أن الكل يعمل ولا يوجد فقر.
نحن اليوم في طبقات متفاوتة من الغنى والفقر، فهناك من يشتري الأبنية الفارهة والشاليهات والمنتجعات ويركبون أفخر السيارات وهناك من لا يجد لقمة يسد بها الجوع.
فالمكان المناسب يفرض وجود الرجل المناسب فليست كل التقديرات صحيحة وليست كل الاحتياجات ظاهرة
فهناك من يملك الشهادة ولم يحظَ بالذكاء ليملك المال والعكس صحيح.
فابسط الأمثلة تحلل السرقة لكي يستمر بعض الأشخاص بالحياة.
حتى الفوارق بين المهن أصبحت واضحة عند امتلاك الفرصة للتقدم دون النظر لأبعادها الشخصية والأخلاقية.
أخيراً يمكننا القول بأن ظاهرة التفاوت والتباين الطبقي في عصرنا الحديث ظهر بشكل أكثر بكثير مما كان عليه من قبل بسبب الأحداث السياسية والاقتصادية وخاصة بعد تتالي عدة أزمات رغم غنى منطقتنا بمواردها الطبيعية كالغاز والبترول والماء، وذلك بسبب غياب التنسيق والتعاون وإيجاد نقاط الخلل التي تساعد في إنعاش بعض الخطط وبالتالي الحفاظ على مستوى الطبقة الوسطى من الانهيار.