الغلاء يضم “الجاكيت الشتوي ” لقائمة الكماليات في حلب .. أصحاب المحلات : نبيع دون هامش ربح بسبب ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين
الثورة أون لاين – تحقيق جهاد اصطيف:
بات المواطن السوري اليوم يعاني من أزمة غلاء معيشية غير مسبوقة جعلت الكثير من الاحتياجات الأساسية تنضم إلى قائمة الكماليات والتي انضم إليها غلاء أسعار الألبسة الشتوية خاصة “الجواكيت” .
وللإجابة على أسباب الغلاء اعتمدنا جولة ميدانية في أسواق حلب سعياً لمعرفة أسباب هذا الغلاء وتأثيره على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل ، حاولنا من خلالها سبر آراء المواطنين وأصحاب المحلات والمراكز التجارية وكذلك أصحاب الشأن حول مدى المسؤولية عن ارتفاع الأسعا ر، وخلصنا إلى نتيجة مفادها أن كل مواطن بشقيه البائع والمستهلك بل والمنتج يقولون أن السبب الحقيقي لارتفاع الأسعار يعود قطعاً إلى صعوبة استيراد الأقمشة وتأمين القطع الأجنبي وزيادة السعر عالمياً .
* راتب شهر لا يكفي ثمن جاكيت
محمد أحمد (موظف) قال : إن أسعار الملابس الشتوية زادت عن العام الفائت ثلاثة أضعاف ولا نعرف السبب الحقيقي وراء ذلك هل هو ارتفاع أسعار جميع مستلزمات إنتاج الألبسة الشتوية سواء المازوت الصناعي أو ارتفاع أجور اليد العاملة أم إن تقلبات السعر هي السبب وراء ذلك ..؟ وإن كان كذلك فالأمر لم يعد يعنينا لأننا كموظفين وأصحاب دخل محدود لم نعد قادرين على اقتناء (جاكيت شتوي) إلا بشق الأنفس فمن غير المعقول أن ندفع راتب شهر كامل ثمن جاكيت واحد !.
ويؤيده بالرأي هاني حمود (عامل عادي) مضيفاً : إن كانت الألبسة الشتوية المصنفة محلياً قد ازداد سعرها ثلاث مرات فإن الصادم بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين أن أسعار (البالة) قد ارتفعت أيضاً ليس ثلاث مرات بل أربع أو خمس مرات عن العام الفائت ، كون سعرها يتأثر بعوامل إضافية وفقاً لما يتم اتخاذه من قرارات بين الحين والآخر ، فالحل الوحيد أو البديل إن صح القول لتخفيض أسعار الألبسة هو الإنتاج الضخم ، ولعل هذا القرار أو الخيار الصعب قد يكون غير ممكن لعدم تصريف المنتج للأسباب التي ذكرناها سابقا !.
نور (معلمة) قالت: من دون شك أن راتب الموظف ربما لا يكفيه لشراء (جاكيت شتوي) وهذا يعني بلغة الأرقام أن ثمن الجاكيت الذي كان سعره ٢٠ ألف ليرة العام الفائت أصبح الآن يتجاوز الـ٦٠ ألف ليرة وهي أرقام قريبة في أسواق وأحياء حلب كالعبارة والتلل والفرقان وفي المولات المنتشرة في أحياء محافظة حلب .
*المطالبة بدعم الصناعات النسيجية
نمير الشبلي صاحب محل منذ ثلاثين عاماً أيّد ما تحدث به معظم الذين التقيناهم حول مسألة سعر الصرف والاستيراد ولكنه خالف بالوقت نفسه ما سبقه بالنسبة لليد العاملة التي بقيت أجورها على حالها رغم الغلاء بشكل عام ، وقال : إن هامش الربح الذي يتم تحديده من قبل التجارة الداخلية معقول ولكن ليست هنا المشكلة وإنما معظم أصحاب المحلات يبيعون سلعهم دون هامش ربح بسبب ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين وعدم الإقبال على الشراء .
كره بيت مراديان صاحب محل أطقم بالعبارة يمارسون المهنة بالتوارث منذ عام 1928 قال : الغلاء بشكل عام يشمل معظم السلع ومنها الألبسة الشتوية وسواها فمثلاً قبل بدء الأزمة كنا نبيع الطقم بمبلغ /5/ ألاف ليرة والآن أصبح سعره /75/ ألف ليرة ، وهذا الأمر انعكس سلباً على واقع السوق وضعف الطلب كثيراً حتى أولئك الذين كانوا يرتدون الطقم لم يعودوا يكترثون له بسبب غلائه ، وأضاف : نطالب الجهات المعنية بدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة المنتجين وفتح باب التصدير كي تنتعش هذه الصناعات من جديد وفي السابق كنا مكتفين محلياً أما الآن فالأمر قد اختلف كلياً .
وختم مراديان بالقول : رغم كل ذلك نحن صامدون وسنبقى نمارس عملنا مهما تعرضنا لحصار اقتصادي من قبل الغرب وسواهم ، ونأمل أن تعود عجلة الاقتصاد إلى سابق عهدها بحلب لتعود رائدة ودرة الاقتصاد السوري .
رامي مكي – محل تصليح ألبسة رجالية ونسائية – قال : لا شك أن سعر تصليح الألبسة اختلف كلياً عن العام الفائت لأسباب عدة منها : ارتفاع سعر الخيط و”الماسورات” فعلى سبيل المثال كنا نشتري “الماسورة” الواحدة بـ ٢٠٠ ليرة والآن نشتريها بـ ١٠٠٠ ليرة فضلاً عن ارتفاع تكلفة الأمبيرات التي نستجرها من القطاع الخاص بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي ، لذلك ارتفعت تكلفة التصليح وعادة نحن كمحلات تصليح ألبسة غالباً ما نتواجد ضمن أسواق المبيعات كي نضمن الزبائن بشكل أفضل .
* سعر الصرف والكهرباء عامل أساس
أما رأي الجمعية المختصة فقد أوضحه نضال حوري رئيس الجمعية الحرفية للخياطة وصناعة الألبسة الجاهزة بحلب مؤكداً أن السبب الأساس في غلاء سعر الألبسة الشتوية بشكل عام وبقية الألبسة بشكل خاص هو استيراد الأقمشة من الخارج ، مضيفاً : كما نعلم أن مسألة الاستيراد تتعلق بداية بسعر صرف القطع الأجنبي وصعوبة تأمين إجازات الاستيراد فضلاً عن الروتين وغيرها .
وأردف قائلاً : الأمر الذي أرهق كاهل أصحاب الورشات هو انقطاع التيار الكهربائي وكذلك عزوف عدد كبير من الصناعيين والحرفيين عن متابعة ممارسة عملهم إما لأنهم هاجروا أو لأن ورشاتهم تعرضت للتخريب والدمار جراء الأعمال الإرهابية التي شهدتها حلب خلال سني الحرب الظالمة ضدها ، ومنهم أيضاً من سرقت معاملهم من قبل عصابات الإجرام والقتل ومنهم من استشهد ، مشيراً بالوقت نفسه إلى قلة اليد العاملة وإن وجدت فإن هؤلاء يطالبون بأجور مرتفعة جداً .
وضرب رئيس جمعية الخياطة مثلاً عن أن متوسط سعر” الجاكيت الشتوي” ٥٠ ألف ليرة وإذا كان “الجاكيت” من نوع الجوخ عندها السعر يختلف كلياً لأنه عندما نقول “جوخ” فإن هذه الصناعة تتطلب الصوف وهذا يعني أن السعر سيتضاعف حتماً ، أما متوسط سعر الطقم فيتراوح بين ٧٥ ألف إلى١٥٠ ألف ليرة حسب جودة التصنيع .
وختم حوري قائلاً : التجارة الداخلية عادة تضع سلم الأسعار وهناك هامش ربح مقداره ١٠% للمنتج و٧% لتاجر الجملة ، ومن١٠ إلى١٥% للمستهلك لأن الأخير لديه التزامات كوضع النمر وأجور و مصاريف أخرى كالمياه والكهرباء والضرائب وسواها.
* أخيراً
نحن لسنا ببعيدين من الآن وكنا كأسر سورية نقوم بإهداء وتوزيع الملابس التي لم تعد تناسب أولادنا لأقرباء أو أناس محتاجين من حولنا ، واليوم بات المواطن السوري عموماً والحلبي على وجه الخصوص يعاني من أزمة غلاء غير مسبوقة لأسباب عدة قد تم ذكرها سابقاً ونضيف عليها الحصار الجائر والظالم المفروض علينا من قبل الدول الغربية التي تحاربنا بلقمة عيشنا ، ولا ننسى بالطبع جشع البعض ، والروتين الذي يضاف إلى جملة الأسباب السلبية التي باتت تؤثر على واقع حياتنا اليومية.
تصوير : خالد صابوني