الثورة أون لاين – راغب العطيه:
إعادة التفاوض حول بنود الاتفاق النووي الإيراني أمر مرفوض بالمطلق بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، هذا ما يؤكد عليه جميع المسؤولين الإيرانيين ، حيث إن هذا الاتفاق كان قد حظي بإجماع دولي ، قبل أن تأتي إدارة ترامب وتنتهك كامل بنوده ، وتعلن انسحابها الأحادي منه ، واليوم في ظل الانتخابات الرئاسية الأميركية الجديدة ألمح فريق المرشح الديمقراطي جو بايدين بأنه في حال فوزه ستحاول إدارته إعادة التفاوض حول الاتفاق ، الأمر الذي لاقى رفضاً إيرانياً مجدداً ، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده لن تعيد التفاوض بشأن الاتفاق أياً يكن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية ، وقال في تصريح لقناة “سي بي اس نيوز” ، تعليقاً على تلميح فريق بايدن : “لو أردنا القيام بذلك لفعلناه مع ترامب قبل 4 أعوام” ، مؤكداً أن “طهران لن تفكر تحت أي ظرف من الظروف في إعادة التفاوض حول البنود الواردة في الاتفاق” .
إيران ترى في هذا الشأن أنه ليس مهماً لديها من سيكون الرئيس الأميركي القادم ، بحسب كلام ظريف ، وإنما المهم بالنسبة لها هو كيف يتصرف البيت الأبيض بعد الانتخابات وليس الوعود التي تطلق هناك ، والشعارات التي ترفع .
وأشار وزير الخارجية الإيراني أيضا إلى أنه “إن كانت إيران ترغب بعودة واشنطن إلى الاتفاق لا يعني ذلك التفاوض من جديد” ، وقال : لو قررت أميركا وقف سلوكها الهدّام ضد إيران فإن القضية ستختلف بغض النظر عمن سيأتي إلى البيت الأبيض” .
هذا ومقابل الأضرار التي لحقت بالشعب الإيراني جراء الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، ورضوخ الغربيين لضغوط واشنطن ، لم يبق أمام طهران أي خيار سوى الاستمرار في تخفيض التزاماتها في هذا الاتفاق حتى تعود جميع الأطراف وخاصة الأوروبيين إلى رفع الحظر المفروض عليها .
ويعد “قانون الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية ” الذي صوت عليه البرلمان الإيراني بشكل عاجل أمس من أهم الإجراءات التي ستتبعها طهران في إطار تعاملها مع الغربيين وفي مقدمتهم واشنطن .
وعكس شبه الإجماع على تمرير مشروع هذا القانون الذي أبداه البرلمان في عملية التصويت مدى موافقة الأعضاء على مجمل ما جاء في القانون ، فجاءت نتيجة التصويت 196 صوتاً لمصلحة القانون ، مقابل اعتراض 6 أصوات ، وامتناع 4 عن التصويت .
وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية سوف تجري مناقشة مشروع القانون في لجان متخصصة ، ويعاد بعدها للتصويت عليه في البرلمان ، ومن بعدها يحتاج إلى موافقة مجلس صيانة الدستور كي يصبح نافذاً .
وعندما يتم اعتماد هذا القانون في المؤسسات التشريعية الإيرانية ستكون الحكومة الإيرانية ملزمة بوقف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي بعد ثلاثة أشهر من اعتماده إذا لم تعد العلاقات المصرفية الإيرانية/ الأوروبية إلى مسارها الطبيعي .
ووفق ما رشح عن بنود قانون الإجراءات الاستراتيجية فإن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ملزمة بتنفيذ كل بنوده وبشكل فوري ، كما سيصبح وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية الإيرانية بناءً على البروتوكول الإضافي مشروطاً بوفاء الأطراف الغربية والأوروبية بالتزاماتها ، والتي تبدأ من عودة التعاملات المصرفية مع الدول المتبقية في الاتفاق النووي إلى وضعها الطبيعي ، وبيع النفط ضمن الأطر الرسمية والقانونية .
ويرى مراقبون أن الهدف الأساسي من التحرك الإيراني الجديد هو عكس مسار الضغط والحظر على إيران ، وإرغام الغرب على تغيير المسار الذي يسلكه ، ولذلك تعتزم الحكومة الإيرانية تفعيل أجزاء مختلفة من الصناعة النووية ، لاسيما وأنها أعلنت إصدار قانون يقضي بإعادة تأهيل قلب مفاعل اراك للماء الثقيل ، وعملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 % ، وذلك ضمن جداول زمنية محددة .
وبعد مرور أكثر من عامين على انسحاب أميركا من الاتفاق النووي ، وفرضها لسلسلة من الإجراءات الأحادية ضد إيران ، بالتوازي مع عدم وفاء الأوروبيين بالتزاماتهم الأحد عشر تجاه الإيرانيين ، ترى طهران أنه أصبح لزاماً عليها أن تستمر بتخفيض التزاماتها تجاه الاتفاق النووي حتى النهاية ، إذا لم ترجع الأطراف المعنية إلى تنفيذ التزاماتها المتفق عليها