يبدو أن سيل التهديد والوعيد الذي مازالت تطلقه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للتجار بعدم رفع أسعار موادهم بعد رفع سعر المازوت الصناعي لم تفلح ولم تلق آذاناً صاغية، واستمر هؤلاء برفع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية أضعافاً مضاعفة بما فيها المواد التي يتم استيرادها وليس تصنيعها محلياً، ولم يطرأ أي تغييرعلى سعر الصرف أيضاً.
الأمور تزداد تعقيداً، وهي تكبر ككرة الثلج، أي الأسواق خرجت عن السيطرة، و لن يستطيع أحد ضبطها مهما اجتهد ومهما اتخذ من اجراءات، لأن حل هذه المعضلة ليس عند تجار المفرق، فالحل يجب أن يبدأ عند تجار الجملة، فهؤلاء هم من يستجرون المواد المصنعة بانواعها من المعامل والمصانع داخلياً، وهم الذين يستوردون ويصدرون، وهم من يحددون الأسعار لتجار المفرق، لذلك فعندما يتم ضبط هؤلاء ومن وراءهم يسهل بعدها التفرغ لتجار المفرق، ويصبح ضبط الأسعار بمنتهى السهولة.
قبل الارتفاع الأخير والكبير بالأسعار بحجة رفع سعر المازوت الصناعي كما أسلفنا كان المواطن بالكاد يجد ما يسد به رمق أسرته مهما كان عدد أفرادها فكيف يكون حاله الآن ؟!.
يجب عدم قبول أعذار تجار الجملة لأنها غير محقة، فهم وطوال سنوات الأزمة يتاجرون بلقمة هذا الشعب ضاربين عرض الحائط بأبسط المبادئ الإنسانية حتى انتفخت بطونهم وأرصدتهم البنكية داخل البلاد وخارجها .
منذ أن بدأت أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية بهذا الارتفاع غير المنطقي وغير المبرر كما أسلفنا، والصحفيون والإعلاميون والمحللون الاقتصاديون والماليون حذروا ورفعوا الصوت عالياً من خطورة مآل الأمور ولكن أسمعت لو ناديت حياً.
لا شك أن ما يجري في الأسواق لا يمكن تسميته إلا بالفوضى العارمة، وأن الرابح الاكبر والمنتصر بالنهاية هو التاجر والمستورد ومن وراءهم ، لذلك يجب تدارك اقتصاد البلد مهما كان ثمن هذا التدارك كبيراً، قبل أن تذهب ريحنا جميعاً ولات ساعة مندم، فالناس لم تعد تقبل أعذاراً وتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، تصدر من خلف مكاتب فخمة.
عين المواطن – ياسر حمزه