من حق المواطن على الحكومة المطالبة الدائمة والمستمرة بتحسين مستوى معيشته ورفع معدل دخله وتأمين بيئة العمل المناسبة وإيجاد حلول لخريجي الجامعات وفتح فرص عمل جديدة وتطوير الخدمات ورفع مستوى التعليم وبالتالي الحق المستمر في تحسين مستوى الحياة في كل الظروف ومهما كانت التحديات.
وهذا الأمر هو ما يبقي الحكومات واقعة تحت وطأة النقد والانتقاد المستمرين ذلك أن تطور الحياة وتطور وسائل المعرفة ودخول الكثير من المجتمعات في طور الرفاه والمزيد منه، كل ذلك يجعل طموحات المواطنين تتزايد وتجعل مطالبهم متواصلة دوماً وذلك يترافق مع الإعلان عن حالة رفض وعدم رضا عن الوضع القائم، ذلك أن التطور هو ديدن الحياة وهو جوهرها في الوقت ذاته، فهل ينطبق هذا الوصف على حكوماتنا المتعاقبة بشكل عام وعلى الحكومة الحالية برئاسة المهندس حسين عرنوس بشكل خاص؟
للإجابة بصورة صحيحة ودقيقة وواقعية يجب التحلي بالكثير من الواقعية والحيادية والمصارحة الكبيرة لنكون قادرين على إصدار حكم عادل سواء كان يحظى برضا البعض، أو يجابه برفض البعض الآخر.
لقد كانت كل الحكومات تعلن عزمها على تحسين مستوى معيشة المواطنين، لكننا كنا نجد العكس في معظم الأحيان، ومع سنوات الحرب الإرهابية على سورية ازدادت الضغوط الخارجية والحصار الاقتصادي والمالي لتضيف من حجم المعاناة والضيق والحاجة والعوز الذي يعيشه المواطن، لتدخل الحكومة الحالية ساحة النزال في ظروف شديدة الصعوبة وفي مرحلة متأخرة من الحرب الكبيرة في ميادين الاقتصاد المختلفة إضافة إلى أشكال الحرب الأخرى، فهل استطاعت الحكومة الحالية تحقيق شيء مما تعهدت به في بيانها الحكومي الذي قدمته لمجلس الشعب بعد شهر من تكليفها؟
بعد مرور قرابة الأشهر الثلاثة نتذكر بعضاً من التحولات والتبدلات الاجتماعية والمعاشية ونستذكرها وسط حالة النقص في البنزين والضغط على الأفران وارتفاع أسعار الكثير من السلع، فالحقائق تؤكد ذاتها بذاتها ولا تحتاج توضيحاً من أحد، لكن يبقى المطلوب توفر عامل الموضوعية والمنطقية في إصدار الأحكام، فقد تم خلال الأسابيع القليلة رفع تعويضات عاملي النظافة إلى الضعفين، وتلك فئة تحتاج دعماً كبيراً نظراً لأهمية المهمة التي تقوم بها، كما تم رفع تعويضات أعضاء الهيئات التعليمية والتدريسية في وزارة التربية بنسبة ٤٠./. إضافة إلى تعويض إضافي للمعلمين العاملين في المناطق الريفية بمقدار ربع الراتب، وإذا علمنا أن عدد المعلمين يتجاوز ٤٠٠ ألف معلم يمكن عندها أن نعي معنى رفع مستوى معيشة المواطن ذلك أن الرفع يبدأ بالتدخل في دخل ونشاط كل فئة وقطاع وصولاً لأبناء الوطن كافة، وما يؤكد هذه الرؤية تلك الصعوبات والعقبات التي تواجهها هذه الحكومة لتأمين الاحتياجات الضرورية من أقماح وحبوب ونفط وغاز وآليات ضرورية في ظل حالة الحصار الصعبة والتي تزداد ضراوة يوماً بعد آخر.
ولنا في بقية قطاعات العمل والإنتاج والخدمات صور مشابهة تظهر التقدم الصعب بين العقبات والعقوبات الكبيرة، وهي أيام للحكم قريبة تدفعنا للتروي في إصدار الأحكام، والانطلاق من الالتزام الوطني الذي دفع المواطن السوري للتمسك بأرضه والبقاء به والإصرار على مواجهة موجات الإرهاب المتعددة، لأنه يؤمن بحتمية انتصار الوطن واحتمال المصاعب حفاظاً على الكرامة الشخصية والسيادة الوطنية.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد