الثورة أون لاين – ديب علي حسن:
النقد عملية بناء وقدرة على تعزيز ما تحقق ويحمل بصمات الإنجاز في اي ميدان من الميادين من الحياة إلى العلم إلى الثقافة والإعلام.
وبالتالي هو أيضاً وضع الإصبع على الجرح على حيثيات التقصير التي يجب أن يتم تجاوزها من أجل التجاوز والوصول إلى آفاق جديدة.
ولولا النقد العلمي القائم على أساس متين وحقيقي لما كانت البشرية قد حققت هذا التقدم.
النقد أهم العلوم وأرقاها، النقد في كل الشؤون كما أسلفنا ليس نقد الأدب والاجتماع وغيرها وهذا يعني أن كل ناقد في اختصاصه يجب أن يكون عالماً أولاً بما ينقده وذا سعة أفق، اطلع على ما تم إنجازه بموضوع نقده ماضياً وحاضراً ويمتلك رؤية لآفاق المستقبل تصحح الخطوات التي كانت من أجل خطوات أكثر ثقة وفاعلية.
هذه هي حال النقد والنقاد.. لكن للأسف أصبحنا ولا سيما في هذا المسمى وطناً عربياً.. أصبحنا كلنا نقاداً وعلماء قبل أن نملك حتى مهارات فك الحرف وكان لمواقع التواصل الاجتماعي الدور السيئ في ذلك.. وهذا ناجم عن ضحالة الثقافة التي ننطلق منها وعدم القدرة على التفكير السليم.
وحتى لا نذهب بعيداً سانطلق من فكرة طرحها مفكر غربي، يرى أن الغرب يعمل من عقود من الزمن ضمن استراتيجيات خبيثة مفادها أن كل ما لا يصدر عنه ليس بذي قيمة في العلم والثقافة والأدب والإعلام.
وحده الإعلام الغربي كما تعمل مراكز الدراسات الغربية وتضخ وحده الإعلام الصادق.. وبالتالي رسخوا لدى الكثيرين فكرة الابتعاد عن إعلامه الوطني. وعليه التوجه للإعلام الغربي ونعرف بالنتيجة ماذا يعني هذا وما تحمله رسائله وكيف يدار.
اليوم حصد الغرب الكثير من ثمار زرعه الخبيث ولا سيما في المجال الإعلامي ومع فورة وهيجان صفحات التواصل الاجتماعي عند الكثيرين.
ستجد من لم يمسك كتاباً من عقود يشتم ويسب الثقافة والفكر، وستجد من لم يقترب من إنجاز فعل ما هو أبسط ما يكون كان يضع القمامة بالحاوية المخصصة ستجده يصب جام غضبه على الوطن ولا يعجبه شيء فيه.
قس على ذلك الكثير..ثمة مراكز خبيثة في الغرب تدير آلاف بل ملايين الصفحات.. تنشر معلومات مضللة كاذبة.. بوستات تبدو كأنها لهفة على الوطن ومن ثم يبدأ النسخ واللصق والتعليقات التي تبدو مستنقعاً سفلياً لا يمكن لأي محطة معالجة في الكون أن تصل إلى تنقية ولو جزءاً بسيطاً منه.
ودورة العفن هذه متجددة كل لحظة وكل ساعة لا تترك مجالاً إلا وتعمل على تصويره، إنه الخراب.
نسأل هؤلاء.. هل بات أحدكم في أحلك الظروف دون أن يحصل على أجره من الدولة، هل بات أحدكم ولم يحصل على رغيف خبزه مع الإشارة إلى المعاناة التي يجب ألا ننساها.
هل تم إيقاف المدارس والجامعات والمشافي يوماً ما.
كثيرة هي القضايا التي يمكن الحديث عنها ويهمني هنا أن أتحدث عما يرمى به الإعلام السوري.. وشخصياً منذ عقدين من الزمن وأنا أكتب وأنقد الكثير مما نحن فيه وأدعي أني قدمت ما يمكن الوقوف عنده ومن قبل من يعنيهم الإعلام.. ولم يسألني أحد ما عن ذلك.. بل ربما تم تجاهله.. ولكن هل يعني أن أصب جام غضبي على إعلام ناضل وأعطى وقدم ولم يكن خارج ساحة الوطن والدفاع.
قرأت أمس ما انهال به جهابذة التواصل عن الصحف الورقية.. تنمر وتنكر وخبث ينسخ ويلصق دون معرفة قطيع النسخ واللصق تبعات ذلك.
ببساطة الإعلام الورقي ذاكرة سورية وتاريخها ونبضها سأعرض بعضاً من ميراث صحيفة الثورة التي نأمل أن تعود بأسرع ما يمكن.
هذه صحيفة البناء منذ عام ١٩٦٣ وإلى اليوم…كل ركن وشارع وبيت سوري له فيها ومعها حكاية.
هي صحيفة التصحيح المبارك وصحيفة النصر في تشرين.
وهي التي دشنها القائد المؤسس حافظ الأسد عندما انتقلت إلى صرحها الجديد وحمل بطاقة أول مراسل شعبي.. وتعرفون اليوم أثق أنكم لا تعرفون أن هذه التجربة كانت رائدة على مستوى العالم وقدمت الكثير أعني تجربة المراسل الشعبي التي جعلت لكل زاروب صوتاً ونبضاً في الإعلام وكانت عوناً لكل من يريد أن يتتبع ما يجري.. واليوم أيضاً لا تعرفون ثمة من أخذ التجربة وسرقها إلى ما يسمى شاهد عيان وكل مواطن إعلامي وغير ذلك طبعاً لم يقصد بالتجربة البناء والحقيقة إنما… ونحن كعادتنا نبني ونشيد البناء وحين يستوي البناء ويقوى يعمل معول الهدم.
صحيفة الثورة أول وسيلة إعلام سورية تجري حواراً مع السيد الرئيس بشار الأسد وقد وجه أكثر من رسالة تحية لها وللإعلام السوري كله.
صحيفة الثورة ميراث أدونيس ومحمد عمران وعادل أبو شنب ونصر الدين البحرة وحنا مينة ونزار قباني وفاتح المدرس وممدوح عدوان وعلي الجندي وأسعد علي وانطون مقدسي ونجاح العطار… ومالك صقور وعلي عقلة عرسان.
كثيرون كان ملحقها الثقافي بؤرة الإشعاع الثقافي.. هل أخبركم أن هذا النسغ لم يتوقف..حاورنا فاخر عاقل وأخرجناه من عزلته وناظم الجعفري الذي ظل نصف قرن لم يفتح مرسمه للإعلام لكنه فتحه لصحيفة الثورة ورجاء النقاش وهارون هاشم رشيد وعمر الدقاق وحسام الخطيب ومحمد أركون ومحمد برادة.. وغيرهم كثيرون واستكتبت هؤلاء وقدموا لها الكثير..
هل نذكركم بسليمان العيسى الذي كانت تنشر قصائده حتى مرضه بخط يده..
هذا في مجال واحد فكيف بمجالات أخرى..
صحيفة الثورة كما الإعلام السوري فيه من دم كل شهيد نبض وحياة.. ذاكرة سورية التي يجب ألا تغيب.. هل من أحد في العالم يرمي تاريخه الجميل بالحجارة.. نحن نفعل.. بالتأكيد لسنا كما نتوق ونأمل لكننا نمضي ونقاوم ونعمل.. وبكل بساطة أقول ومنذ عام ٢٠٠٤م لو لم يكن إعلامنا قادراً على التأثير والفعل لما كان العدو يعمل بكل طاقته على معاقبته والهجوم عليه.
وصحيفة الثورة ليست إلا جزءاً من المشهد الإعلامي السوري بكل مؤسساته بكل ماضيه وحاضره وغده.
نحن إعلام دولة ووطن جرحنا كما جراحه ولكننا واثقون أننا ماضون نحو الأفضل نحو النصر.
لست محامياً عن الإعلام ولدي ما أقوله.. ولكن مثل هذا العفن الفيسبوكي يدل على انحدار مخيف.. النقد حق وواجب ولكن حين يكون علمياً ليس بيد من يقدم نفسه دكتوراً بأعلى الألقاب وهو بالكاد يحمل ابتدائية.
أيها الفيسبوكيون هذا وطننا وهذه سورية وجميعنا نقطة في بحر عظمتها.. فلنحسن القول إن لم نحسن الفعل.