مع انعقاد المؤتمر الدولي للاجئين يومي ١١ و١٢ من الشهر الجاري لا تغيب عن الأذهان مسألة هامة وهي جوهر المشكلة وأصل الحكاية في مسألة اللاجئين السوريين التي تعود إلى أمرين اثنين:
الأول يتعلق بالأسباب، والثاني بكيفية التعامل مع هذه المسألة التي تحولت إلى مأساة وورقة للاستثمار السياسي من القوى الاستعمارية نفسها التي تسببت في التهجير.
وبالعودة إلى الذاكرة التاريخية التي تؤكد أن المواطن السوري لم يهرب يوماً من مواجهة مصيره، وإنما كان دائماً يصنع المعجزات بإرادة صلبة، ولم يكن يوماً مهاجراً بإرادته ولا ساعياً على الانسلاخ عن وطنه، بل على العكس تماماً لقد ناضل الشعب السوري موحداً خلال العقود الماضية ضد الاستعمار ونال الحرية والاستقلال وظلت سورية بصبر شعبها وصموده حرة كريمة ترفض وتواجه كل أشكال الهيمنة والمشاريع التقسيمية قبل الاستقلال وبعده وإلى يومنا هذا. من هنا لا يحتاج توصيف الأسباب بمسألة اللاجئين إلى الكثير من التفكير عندما ننظر إلى سياق الأحداث للوصول بسهولة إلى حقائق مؤكدة حول الحرب العدوانية الظالمة على سورية وفي مقدمة هذه الحقائق أن كل ما حدث ويحدث هو جزء من المشروع الأميركي الصهيوني الهادف إلى تصفية الحسابات مع سورية نتيجة مواقفها الثابتة وعدم خضوعها الإملاءات التي تخدم مصالح بعض القوى الاستعمارية وتغيير الوجه السياسي والثقافي للمنطقة.
وإذا كان من خططوا لتدمير الدولة السورية ومحاولة تقويض نظامها السياسي المقاوم قد أمعنوا في نشر الموت وتدمير ونهب مؤسسات الدولة من معامل ومنشآت وثروات نفطية وزراعية فإن جريمة تهجير السوريين ودفعهم إلى اللجوء والنزوح لا تقل عن أعمال الحرب من قتل وتدمير إجراماً وشناعة عندما أجبرت ذئاب الإرهاب المتوحشة الملايين من المواطنين الآمنين المستقرين إلى الفرار للنجاة بأرواحهم وذلك من أجل افتعال أزمة إنسانية واستثمارها ضد الدولة السورية. فكانت الممارسات القمعية من قوات الاحتلال ومرتزقتهم والتي استهدفت كل شيء في حياة المواطنين ومتطلبات معيشتهم وممتلكاتهم الخاصة لا بل أكثر من ذلك انتهاك أعراضهم وتجنيد الأطفال والشباب والنساء للقتال معهم ومنعهم من التعليم وقطع المياه والكهرباء عنهم مما دفعهم للهجرة وترك كل شيء وراءهم.
ولذلك فإن الحقيقة التي لن تغيب بالتأكيد عن مؤتمر اللاجئين وعن عيون العالم كله هي أن قضية اللاجئين جزء من المخطط الذي وضعته إدارة الحرب على سورية لتدمير البنى الاجتماعية للشعب السوري واستثمار هذه القضية في خدمة مصالح منظومة العدوان وصراعاتها الدولية والإقليمية.
أما الأمر الآخر فإن انعقاد المؤتمر الدولي للاجئين في دمشق يؤكد من جديد رغبة الدولة السورية وسعيها المستمر وحرصها الدائم على إعادة أبنائها إلى وطنهم على الرغم من الدور الغربي في وضع شروط واختلاق حجج واهية لعرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم مما يؤكد تسييسهم لهذا الملف الإنساني البحت واستخدامه كورقة في تنفيذ أجنداتهم السياسية.
اليوم وعبر هذا المؤتمر الدولي يتجدد التأكيد أن الأبواب مفتوحة أمام جميع اللاجئين السوريين للعودة الطوعية والآمنة إلى بلادهم وأن الحكومة السورية على استعداد تام لتقديم كل التسهيلات التي يحتاجونها وإعادة بناء وتأهيل المرافق الخدمية والبنى التحتية في المناطق التي تحررت من الإرهاب، وهي رسالة في الوقت نفسه إلى من استغل واستثمر في مأساة اللاجئين بأن الاستخدام السياسي لمعاناتهم لم يعد مجدياً وفقد صلاحية المتاجرة به ولم يعد هناك متسعٌ للمماطلة ولا للتسويف، لقد آن الأوان لعودة اللاجئين إلى وطنهم وإنقاذهم من الحالة المتردية في مخيمات الموت التي فقدت مسوغات وجودها في كل مكان.
ثورة أون لاين – يونس خلف: