بوصلة المرايا.. آفاق اللون

الملحق الثقافي:أمين غانم :

ماذا أريد؟!..
تساؤلٌ يصعدُ من عمقِ الفنان.. أمامه أدواته “الشكل والمساحة والخطوط واللون”.. إنه مضطرب دائماً، وغير متوازن بالضرورة. يختلط بطفولته وعفويته التي تحتضن اتجاهه الواحد، ومشاعره الراقية المتناقضة المذعورة أحياناً، متوهماً أنه قد يعيد توازنه في أعماله، فهو يغامر في السير بالاتجاه اﻷشدِّ خطورة دائماً، وبشكلٍ لا شعوري يجعله في مواجهةٍ كبرى، بين قواه الداخلية والمعرفة التي يحيطه بها العالم الخارجي، تحقيقاً لتصوراته وطاقاته.
ماذا أريد؟!
أشار علم النفس، إلى أن طفولة الفرد من طفولة الكون والعالم البدائي، وأن شعوره الفردي من اللاشعور الجمعي المتجسد في الأسطورة أولاً، حيث كان الفن نوعاً من السحر تحضيراً لقوى غير مرئية، وكشف للأسرارِ ورؤية ما وراء المباشر الواضح، وذلك إرضاء للروح والمخيلة.
إذا تركنا أدوات الفنان ووسائله الفنية جانباً، نرى أنه ينسحب إلى طفولته بالصور والتخيل دون وعي ذاتي، فلو استطاع اﻹنسان أن يحيط بأسرار الكون، وأن يتحكَّم بالروح والمادة والطاقة، فإننا لا نجد حاجة للمخيلة المبدعة، ولا إلى الفنون عموماً.
فالفنون البصرية لدى الفنان، تقوم بسدِّ النقص في حياته، وباكتشاف محيطه وتوازنه، وذلك من خلال تشكيل الخطوط واﻷشكال التي تجسّد أفكاره ومشاعره الموجودة في عالمه اللاشعوري. العالم غير المتشكل ﻷنه يحيا دائماً في واقعين.. الواقع الحقيقي المحيط به، والواقع الذي يكمن في كيفية رؤيته للأشياء.
ماذا أريد؟!
وكما في طفولة الكون، هواجس مثقلة بالدفاع عن النفس والصيد وكشف اﻷسرار من خلال الرمز والسحر، كان لدى الفنان هاجس الانفعال الصوفي وخلق أساطيره، وتجسيد أعماقه في أعماله، شبيهاً بتجسيد الشرور في أشكال مختلفة لدى البدائيين، وإحراقها أو طعنها لطردها أو السيطرة عليها.
هنا، نراه يلجأ إلى عالمه الخاص الموازي للعالم الحقيقي. عالمه النفسي وعالم الحقيقة. يفعل ذلك، لتشكيل عملٍ لا يتجزأ في أعمال، مايُبقي أعماله عملاً واحداً عبر حياته، فاﻷجزاء تشكّل الكلِّي دون تغيير دلالاته الجوهرية، وقد أثبت علم النفس أن نشاطات النفس العديدة، لا يمكن فصلها دون تشويه أو القضاء على معناها الجوهري.
إلى هنا، يبقى الفنان كمن ينتزع حياة ثانية من الحياة، لينجز عملاً واحداً في أعمال كثيرة ﻷنه يريد، والفنان الحقيقي يبقى باحثاً، قائداً، لاعباً، مسحوراً، جاهلاً ما يريد.

التاريخ: الثلاثاء15-12-2020

رقم العدد :1024

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"