الملحق الثقافي:عيد صالح: شاعر وكاتب مصري :
أذكر أنه عندما نُشر النص الشعري الدرامي “يس وبهية” في صيف عام 1965، طُلب رأي القرَّاء في الصفحة الأخيرة. أرسلت له رأيي موزوناً على طريقة الديوان، وكان المطلع “يا حلاوتك يا نجيب لما تتناول تراثنا ثم تُحييه بدمٍ يغلي في العروق يجعل الميت حياً وصبيَّاً، كحبَّة العين “بهية”. التقيته بعدها في مسرح الجيب ممثلاً مع الفنانة “سميحة أيوب” عام 1968 في مسرحية “أجا ممنون” الشعرية، لدرجة أنني تأثَّرت بها في النظمِ حتى نبَّهني أحد أصدقائي ممن شاهدوا المسرحية، فعدت لنفسي وكانت درساً لي بألا أقلِّد أحداً، لذلك كنت لا أقرأ شعراً..
قبل كتابتي للشعر كنت مفتوناً به حدّ الجنون، وكنت أحفظ لزوم مالا يلزم عن ظهر قلب، وأراه كما يراه أخي “باسم توفيق عبد العزيز” شاعرٌ مشهده الشعري أكثر تشابكاً من “عوليس جويس” وأكثر شجناً من “صلاح عبد الصبور” وأكثر جرأةً وضياعاً من “رامبو”.. شاعرٌ ملغَّز ملغَّز” وكتبتُ عنه في ديواني “أنشودة الزان” “أبيجرامية” قلت فيها:
“كان يلقي بنردِ المساءِ على طرقاتِ المدينة. يفتح نار القصيدة فوق رؤوس الخراتيت والعسس المجرمين، ومن أوردوه الضياع-الجنون. قلتُ: هل تستعيد الذي كان من حكمائك في ريشٍ؟.. هل تهدم القصر أم تتصالح والشعر والمشعوذات؟.. كان قد غفا على كفِّه ثم مات”.
الرحمة لـ “نجيب سرور” الذي كان أحد العظام الذين تأثرتُ بأشعارهم جنباً إلى جنبٍ مع “كامل أيوب” صاحب “الطوفان” و”المدينة السمراء” وهو من أوائل من كتب السرد والدراما في القصيدة، لكن غربته بعيداً عن الوطن وعزوفه عن التواصل مع منافذ النشر، وصعود الثنائي “صلاح عبد الصبور” و”حجازي” دفع به خارج الحلبة، ولذا كان من آبائي الشعريين مثله “صلاح عبد الصبور” و”الماغوط “و”بودلير” و” ت. س. إليوت” و”رامبو” الخ ..
مع ذلك، فإن أكثر الشعراء الذين أثّروا بي، هم الروائيون بدءاً بـ “ديستوفسكي” و “تشيخوف” وانتهاءً بـ “نجيب محفوظ” و” أرسكين كالدويل” و”شتاينبيك” وهيمنغواي” و”كافكا” و”ماركيز” و”إيتالوكالفينو” و”دينو بوتزاني” و”فتحي غانم” وعشرات، بل مئات من روائيي العالم.
التاريخ: الثلاثاء15-12-2020
رقم العدد :1024