“الجبهاتُ العائمة” و التهجيرُ عطشاُ “الحرب الاخرى”

الثورة اون لاين – د. مازن سليم خضور:

تشكلُ المياه ما نسبته /70%/ من مساحة الكرة الأرضية، لكن الماء العذب الصالح للشرب متوفر بكميات قليلة، و مع الزيادة السكانية الكبيرة و تزايد الاحتياجات اليومية للمياه وسوء إدارة الموارد المائية بالإضافة إلى التغيير المناخي و اتساع عوامل التلوث، أعطى للمياه الصالحة للشرب بعداً استراتيجياً لعب دوراً كبيراً في نشوب خلافات و صراعات دولية في مختلف أرجاء العالم، كما شكلت سرقة المياه أحد ابرز الجرائم خطورة، تلك التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي إلى سرقة مصادر المياه سواء في الأراضي السورية المحتلة أو اللبنانية أو الفلسطينية، علما أنه في عام “1956” بدأت “إسرائيل” عمليات تحويل مياه نهر الأردن عند جسر بنات يعقوب إلى الجنوب من بحيرة طبريا، ولكنها توقفت بسبب الأزمة السياسية التي نشبت آنذاك وفي أعقاب عدوان “1967” وضع ثلاثة باحثين إسرائيليين بتكليف رسمي من “الحكومة الإسرائيلية”، خرائط ومخططات تعكس الأهداف والأطماع الصهيونية في العالم العربي، وهذا يظهر جلياً في قطاع غزة الذي يعاني من شح المياه الصالحة للشرب، يزيدُ من تفاقمها غارات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، خصوصا وأن الطائرات الإسرائيلية تستهدف بشكل متكرر خزانات المياه والبنى التحتية.
الأستاذ “هانز فان جينكل” رئيس جامعة الأمم المتحدة، كان قد صرح أن “الصراعات على المياه سواء كانت على شكل حروب دولية أو أهلية فهي تهدد بأن تصبح جزءا أساسيا من المشهد في القرن الواحد والعشرين”، وما لم يتم القضاء على العوامل المسببة لاندلاع الصراع، فستجد الولايات المتحدة وحلفاءها أنفسهم في خضم حرب جديدة في الشرق الأوسط “.
قد يكون من غير المنصف عدم ربط تحليل الاستاذ “هانز فان جينكل” مع ما يجري من صراعات توصف بأنها حربٌ على الأبواب بين مصر والسودان وأثيوبية، حول سد النهضة، وتقاسم حصص مياه نهر النيل، في منطقة أساسا مشتعلة وتشهد حالة عدم استقرار، هي حالةٌ تؤكدها الخروقات و الجرائم التركية بخصوص المياه والسدود التي تقيمها على نهري دجلة والفرات من جهة، أو من خلال قطع المياه من خلال مرتزقتها عن مليون مواطن في الحسكة لأيام وأشهر من جهة أخرى، تزامناً مع التفشي الكبير لفايروس كورونا والحاجة الماسة للمياه.
نهر دجلة يعد إلى جانب الفرات، شريان الحياة بالنسبة للكثير من العراقيين والسوريين، إذ يغذي النهران محطات المياه، وتستخدم مياههما لري الحقول على طول ضفتيهما. وتشكل الأمطار 30 في المئة من موارد العراق المائية، بينما تشكل مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70 في المئة بحسب المديرية العامة للسدود في العراق.
وفي الحرب السورية شهدت العديد من المحافظات أزمة حقيقة في نقص وشح المياه بسبب الأوضاع الأمنية والعسكرية والاعتداء على خطوط التيار الكهربائي المغذية لمحطات المياه وكان للعاصمة دمشق نصيب كبير من ذلك من خلال قطع المياه وتحديدا مياه نبع الفيجة عن سكان العاصمة دمشق البالغ عددهم حوالي 5،5 مليون نسمة في نهاية العام 2016 وبداية العام 2017 لمدة تزيد عن الشهر.
حيث وصفت الأمم المتحدة انقطاع المياه عن 5,5 مليون نسمة في دمشق بـ”جريمة حرب ورأى يان ايغلاند رئيس مجموعة العمل في الأمم المتحدة حول المساعدة الإنسانية لسورية خلال مؤتمر صحفي في جنيف “في دمشق وحدها 5,5 مليون شخص حرموا من المياه أو تلقوا كميات أقل لأن موارد وادي بردى غير قابلة للاستخدام بسبب المعارك أو أعمال التخريب أو الاثنين معا، إن أعمال التخريب والحرمان من المياه جرائم حرب لأن المدنيين يشربونها ولأنهم هم الذين سيصابون بالأمراض في حال لم يتم توفيرها مجددا”.
من جهتها أكدت وزارة الخارجية السورية في رسالتين بعثتهما الخميس 5 يناير/كانون الثاني 2017 إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أن “قطع المياه عن المدنيين يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ويأتي ضمن سلسلة انتهاكات القانون الدولي والأعمال الإجرامية التي ترتكبها الجماعات الإرهابية المسلحة في المدن السورية الكبرى وخاصة في مدينتي دمشق وحلب”.
وفي مواجهة الأزمة، عمدت الحكومة الى تقنين توزيع المياه على أحياء دمشق، واللجوء إلى استخدام مياه الآبار التي ترسل عبر الصهاريج بشكل دوري إلى الأحياء لتأمين الحد الأدنى للسكان وقامت مؤسسة المياه في محافظة دمشق يوميا بنشر لائحة للأحياء التي سيتم توزيع المياه عليها.

وفي محافظة الحسكة لم يتغير المشهد في محطة علوك والتي تقع شمال الحسكة على الحدود السورية التركية والتي تعتبر مصدر الماء الرئيس لأكثر من مليون مواطن سوري تعرضت للاعتداءات الإرهابية سواء من قبل تنظيم داعش الإرهابي والنصرة وقوات سورية الديمقراطية وكذلك من قبل قوات التحالف الدولي غير الشرعي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتي يتم تكرا ر المشهد بقطع المياه كل فترة عن مايزيد على مليون مواطن ، أما في محافظة دير الزور ثلاثة أعوام عاشتها عدة أحياء من مدينة دير الزور في ظل حصار خانق فرضه ارهابيو داعش التكفيري مارسوا خلاله كل أشكال التضييق والإرهاب على أبناء المدينة المحاصرين وقطعوا كل سبل الحياة عن الأحياء .
المعاناة الكبرى كانت في تأمين مياه الشرب التي تعد المعاناة الأكبر للأهالي ولاسيما خلال أيام الصيف نظرا لارتفاع درجات الحرارة وما تشهده المدينة من عواصف غبارية خلال فصل الصيف فمن أصل /110/ محطة تصفية مياه في المحافظة بقيت محطة تصفية واحدة تحت سيطرة الدولة السورية وكانت تستمد المياه الخامية من محطة /فرات الشام / والتي بقيت تعمل لغاية شهر اذار من العام 2016 حيث خرجت عن الخدمة بعد تعرضها لبعض الأعطال وشهد هذا الشهر عدة محاولات لإصلاحها لكن قناصة الإرهابيين كانت تمنع العاملين من ذلك وكان النتيجة استشهاد ثلاثة من عمال المؤسسة وهم “مختار العريفي – رائد الطه – ثائر العلي” الذين ضحوا بأنفسهم أثناء محاولتهم المتكررة لإصلاح الأعطال في المحطة الخامية وتعرضوا لرصاص القنص الذي أدى لارتقائهم تباعا ولم تقف معاناة الأهالي خلال تأمين المياه عند هذا الحد بل كان تأمين المياه يشكل تهديدا مستمرا لحياتهم حيث كانت المؤسسة تضطر لتقسيم المدينة إلى قسمين في اليوم المحدد للضخ حيث يتم ضخ المياه لحي القصور خلال ساعات الصباح ولحي الجورة خلال ساعات ما بعد الظهر فيضطر جميع الأهالي للخروج إلى الشارع لتعبئة المياه التي لاتصل إلا لأماكن محدودة نظرا لضعف المحركات والهدر الحاصل في الشبكة حيث يعمد ارهابيو داعش لإطلاق قذائفهم خلال الساعات المحددة لضخ المياه ما أدى لارتقاء وإصابة الكثير من المدنيين .
أما في محافظة حلب وفي رسالتين للأمم المتحدة دعت فيها الخارجية السورية الأمم المتحدة للضغط على الدول الداعمة للإرهاب نتيجة قيام التنظيمات المسلحة بقطع المياه عن حلب لما يزيد عن 5 ملايين شخص حرموا من مياه الشرب أواخر العام ٢٠١٣ محاولات كثيرة لبعض المنظمات الانسانية أفضت إلى دخول الهلال الأحمر لإدخال الديزل إلى محطة سليمان الحلبي .فترات قصيرة حتى عاودت المجموعات الإرهابية بسرقة المازوت وتتالت أزمة المياه بين العام ٢٠١٤ واستمرت حتى الخامس عشر من شباط عام ٢٠١٧ مع السيطرة على محطة الخفسة من قبل الجيش العربي السوري.
أمام كل هذا يجب اتباع مجموعة من الخطوات للتعامل مع هذه النوع من الانتهاكات، منها الضغط السياسي لحماية البنية التحتية المائية وتوثيق هذه الاعتداءات والعمل على فضح هذه الانتهاكات سواء في المحافل الدولية، و من خلال الإعلام والطلب من المنظمات الدولية المعنية بهذه الأمور العمل الجدي والحقيقي في مثل هذه الحالات، وأيضا العمل على إيجاد حلول إسعافيه لتأمين المياه للمواطنين وتشجيع ودعم الفعاليات الأهلية التي تسعى إلى تقديم المساعدات، أما على المدى العيد يجب العمل على إنشاء السدود والسدات المائية و دعم مشاريع إنشائها والعمل على ترشيد الاستهلاك لهذه الثروة .

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين