شكل ملتقى فن الطريق لمجموعة من الرسامين والنحاتين، والذي أقيم في حارة التيامنة في منطقة باب مصلى ، امتداداً لملتقى فن الطريق الأول الذي أقيم في الشعلان ، وهما من تنظيم صالة مصطفى علي ، وتحت رعاية محافظة دمشق، وهذه الملتقيات تساهم في إعادة الحياة الى الأمكنة القديمة، وتعمل على إيجاد حالة من التبادل والاطلاع الفني والثقافي ، رغم وجود بعض الأصوات، التي لم تتقبل فكرة الرسم على الجدران وبعض الأبواب القديمة، بذريعة أن ذلك يمس بجماليات وخصوصيات هذه الأمكنة، وهذه الأراء قد تكون ناتجة عن مقاربات سوء الفهم والخطأ والالتباس .
وظاهرة الرسم المباشر أمام الجمهور في الهواء الطلق، وفي الحارات والشوارع والحدائق العامة، تعتبر خطوة هامة ومغايرة، وتستحق المتابعة والاهتمام والتقدير، ولاسيما في هذه المرحلة المريرة ، المشحونة بالشحوب والسواد والقلق والتوتر والاضطراب الممتد في عمق حياتنا اليومية .
والأعمال التي انجزت في الملتقى، بفترة زمنية محددة، ستعرض في صالة مصطفى علي، وهي تطرح العديد من القضايا الجمالية والتقنية الحديثة، في خطوات البحث عن إيقاعات تشكيلية معاصرة، لاتقع في هاوية الخطاب التقريري والأدبي والسردي ، وانما تترك لأصداء الحوار التشكيلي البصري البحت مساحة من الحرية التعبيرية والفنية ، وتبرز قدرة العمل التعبيري على تحويل المساحة اللونية والفراغية، إلى فسحة للحوار والتأمل ، في خطوات التعبير عن فسحات الأمل بعناصرها الإيقاعية والغنائية .
ففي هذه الحالات ينبغي أن تدخل الثقافة والخبرة والذوق والصدق والعشق المزمن للعمل، لإكسابه طابع الحيوية والتجدد والحداثة والمعاصرة ،فمن إيهامات الدمج بين القديم والحديث، يبتكر المشارك فراغاً تشكيلياً يتجاوز الصياغة الاستهلاكية, ويؤدي دوراً ثقافياً، بعفوية التشكيلات وقوتها وجديتها ، إنها إيقاعات لونية وخطية في اللوحة، وفراغية في المنحوتة، تطلق العنان في أحيان كثيرة لجرأة اليد، وصولاً إلى تنويعات التداخل الجمالي التجريدي، الأكثر تفاعلاً مع الأفكار التشكيلية الحديثة والمعاصرة .
رؤية ـ أديب مخزوم