الثورة أون لاين – ليندا إبراهيم:
في أجواء الشَظف الروحي التي يعيشها العالم، وتشهدها الأرض، ثمة ما يبعث الأمل في نسغ الحياة لتوليد أمل دائم في نفس إنسان هذا الكوكب الذي طالما عايش الحروب والمجاعات والضائقات من كل صنف ولون وحدب وصوب وفي كل زمان ومكان.
وفي أجواء كهذه يبرز السؤال الأهم الأكثر إلحاحاً عن هويتنا ومن نحن ومن نكون وماذا يجب أن نكون… سؤال الهويات المتجدد الدائم الأشد إشكالية في التاريخ البشري والذي طالما راود عقول الحكماء والفلاسفة والمفكرين والقادة والساسة وصناع الحضارات وسابري التواريخ عن نقاط تضيء على هذه النقطة بالذات كنواة يبدأ التشبث بها من أجل تكوين شرنقة الفكرة عن الهوية وماهية وجود الإنسان ومغزى هذا الوجود.
ومما لا شك فيه أنَّ الأرض السورية شهدت أول تشكل للوعي البشري البدئي متمثلاً في وجود للإنسان الواعي العاقل الأول وأول اختراعاته أو “كشوفاته” الضارية وهي الكتابة، ومغامرات عقله في محاولة الطبيعة وكل شيء حوله الأمر الذي أدى لتكوين نوى المدنية والحضارات أعتق وأعرق الحضارات والمدنيات… ولربما كان هذا ما يفسر تكالب الطامعين والغزاة والمستعمرين على هذه الأرض.
فإذا ما جنَّ عليك ليل العقل، وأفق الاستشراف، وادلهمَّت زوايا النفس، وضاقت كوى القلب، فاجعل قلمك نبراسك، أضئه من شعلة عقلك وجذوة قلبك وتنكبه سلاحاً يقاوم هجمات برد الروح ومشعلاً يبدد حلكة النفس، ومعولاً ينبش في تراب العقل ليستنبت رشيم الفكر من حالك البذار.
وإذا ما اشتدت رياح المرارة، وتأبت النفس على تدجينها مع الألم، فلتأخذ قلبك سياحة في مغاور الكتب وعوالم القراطيس عندها ستجد أنيساً لك وشبيهاً ومؤنساً ورفيقاً تستنجد بخبرته وتتلهف لمعرفته وتسوقك الدهشة لسبر أغواره واستكشاف مجاهله فإذا بك تقع على كنز هنا ولؤلؤة هناك فتعود وقد روي قلبك الشظيف وغذيت روحك العطشى وامتلأت جعبة عقلك بوافر اليقين بعد غيم الشك.
فإذا أوحش قلبك مرة أخرى، وضاقت روحك، فاعلم أنها غيوم الكتابة تنذر بهطل وفير، فتتزاحم الأفكار وتتسابق إلى ريشة تشتاق حبر قلبك ودواة أناتك وكلمات فكرك لتنزف دم الكتابة على صدر البياض
طوبى لحاملي اليراع مشعلاً من معرفة وعلم ويقين
طوبى للعافين عن ملذات الدنيا ومادياتها ولهوها وصغائرها منتبذين ركناً قصياً من هذا العالم الهش ليقرؤوا ويتدبروا ويكتبوا…
طوبى لهم ينزفون ويكتبون هذا النزف فينيرون عتمة أرواحنا…
على دروبهم سائرون
وعلى هديهم ماضون
وعلى إثرهم جادون
وبفناراتهم مهتدون
وفي بحار علومهم خائضون
حملة العلم وأرباب الأقلام وسدنة الحرف في معابد القلوب الوفية الصادقة الزاخرة.