جرّبت كلّ دول الإمبريالية العالمية حديثها وقديمها اقتلاع الفكر المقاوم من ساحات الشعوب العربية والدولية، واختارت لنفسها أثواباً ووسائل عدّة ولم تكتفِ بآلات الحروب، فقد استعارت لذلك كلّ ما في وسعها من وسائل إعلامية وثقافية ومجتمعية وتكنولوجيا وطرق لاتمتّ للإنسانية بصلة (حروب بيولوجية)… لكنّ الحقيقة الثابتة التي لم تستطع تلك الإمبريالية تغييرها ومحاربتها أن الفكر المقاوم متجذّر وتُدفع في سبيله أثمان للحريات الإنسانية والثقافية والإعلامية والفكرية…
الطمأنينة إلى أهداف تلك الإمبريالية لا تنطلي على الإعلام والإعلاميين المهنيين المؤمنين بفعالية الكلمة الحرّة واحترام الأرواح والدم الذي قُدّم ثمناً للحريات والاستقلال في سوريا والعراق وفلسطين واليمن، وكل دول الأحرار في العالم…
الاتحاد الدولي للصحفيين مُمثلاً بأكثر من ستمئة ألف صحفي من أكثر من مئة وعشرين بلداً بقي يتواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية للضغط على دول الإمبريالية لرفع العقوبات عن الإعلام السوري، لكن عبثا.. فالعقوبات التي تخالف كل القوانين والأعراف الدولية حرمت وسائل الإعلام السورية من تحديث التقنيات ومواكبة التجهيزات والتكنولوجيا الحديثة وحرمانها من استيرادها، وجاءت آخر العقوبات بحجب المحطات الفضائية والإعلامية السورية عن الأقمار الصناعية…
عضوية سورية في الاتحاد الدولي للصحفيين ومشاركاتها تأكيداً على أن بوصلة الحرية الإعلامية لا يمكن أن تحدّد مساره ثلّة من الإمبرياليين وأدواتهم القمعية الإرهابية والإجرامية، وأن اجتراع الآلام والملمات والعقاب المرير للصحفيين الشرفاء لا يعني أن محرقة الفكر والإبداع واليراع قد أصابتهم، فتلك المحرقة لم تستطع إيقاف قوافل شهداء الكلمة الحرّة من الإعلاميين، ولم ولن تؤثّر في استمرار الآلاف من أن يكونوا صوت وصدى ضمير العالم الحيّ والحرّ بردّة فعل عفوية تعيد للشعوب حقّها في الدفاع عن نفسها… في حين تحصد الإمبريالية العالمية مزيداً من الدم وارتكاب الجرائم ضدّ الإنسانية، ولابدّ لأول الغيث أن يُمطر تحالفاً قانونياً دولياً لمقاضاة كلّ تلك الجرائم….
رؤية – هناء الدويري