دون شك إن في سورية من الصروح الثقافية ما يكفي لتنوير قارات كبرى , إذا ما تم استخدامها بالشكل الذي يجب أن يكون , لكن الواقع مع كل الصخب الذي يبدو أنه فعل ثقافي , خارج الفعل الحقيقي , وليس إلا جعجعة قليلها يصل , لن نظلم أحدا في المشهد الثقافي السوري , التنوير غائب كفعل على ارض الواقع و لكنه كمصطلح حاضر من اتحاد الكتاب العرب إلى وزارة الثقافة ومؤسساتها التي نجل ونحترم , وقد أدت دورا جيدا , لكنه كان ومازال دون المطلوب تماما .
اتحاد الكتاب أطلق شعار التنوير , وأطفأ القنديل ومضى , ووزارة الثقافة تعقد كل عام مؤتمر احتفاء بذكرى تأسيس الوزارة , يوضع جدول اعماله من وراء الطاولة , توزع عناوينه على الأحبة والأصدقاء ممن يعرفهم من يضع البرنامج , ننتظر الفعل الحقيقي , نتوق لأن تدعو الوزارة إلى مؤتمر ثقافي حقيقي, يناقش قضايا الثقافة السورية , واقعها و حالها , كيف نمضي بها قدما نحو الفعل الخصب , كيف نصل إلى كل أسرة وبيت ومدرسة , كيف نصل الجامعات , ونعيد ألق فعلها التنويري.
نناقش في مثل هذا المؤتمر استراتيجية طويلة الامد بناء على واقع ما نحن فيه , ثمة ما هو مطلوب في المعمارية الثقافية , من اجل التحصين والبناء , والقدرة على الردع , من يقدم ويقترح برامج الاحتفاليات الثقافية , لايرى شمس الحياة , ولايعرف ما يجري على أرض الواقع أبدا.
هذا المشهد الثقافي الذي لايسر أحدا يجب أن يتغير , أن يتبدل , وهذا لن يكون بفعل ممن تكلس عند محطة ما , في التراث ومحاولة جعله وجبة يومية للجميع , ولا عند من يظن أن العالم كله يدور حوله , المثقف الذي يتبوأ موقعا ثقافيا مهما , ليس بمنأى عن الكثير من المجاملات التي تفقده في الكثير من الأحيان القدرة على التركيز والفعل , ناهيك بمن ينصبون أنفسهم أوصياء عليه من باب الصداقة والمنفعة وغير ذلك .
هذا المشهد لاينكر ما تحقق وهو جيد في الكثير من المحطات , ومن الضرورة بمكان أن يستمر الفعل الخلاق في المؤسسات الثقافية والاعلامية التي يجب أن تكون مصدر التنوير والقدرة على المواجهة , هي دعوة تتكرر كل عام من اجل عقد مؤتمر ثقافي يعنى بحال الثقافة والمشهد الثقافي في سورية , يقيم ويقوم ويرسم خططا ويضع استراتيجيات , مؤتمر لا يعد له من يجلس وراء الطاولات ويوزع عطاياه , إنما تشكل لجان من المؤسسات الثقافية والتربوية والتعليمية والاعلامية وتعقد جلسات نقاش لتضع الخطوط العريضة لما يجب مناقشته من قضايا , مؤتمر يدرك أن الغزو الثقافي الذي تحدث عنه السيد الرئيس بشار الأسد , لايمكن أن يقاوم من قبل مؤسسة واحدة , ولا بأدوات تكلس بعضها ولابد من الارتقاء إلى مستوى الطموح الذي يحصن البلاد والعباد , وهذه مهمة جماعية ما من احد خارجها , هل ننتظر ؟
معا على الطريق – ديب علي حسن