الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يبدو أن للتطبيع المذل مع الكيان الصهيوني من قبل الأنظمة العربية المتهافتة أثماناً باهظة ستدفع من جيوب المطبعين عاجلاً أم آجلاً ، وذلك على شكل تعويضات مالية للصهاينة الذي “هاجروا” بملء إرادتهم من البلدان العربية إلى فلسطين المحتلة بعد إنشاء هذا الكيان المغتصب ، وليس كما حاول البعض أن يروج بأن الدول المطبعة ستشهد ازدهاراً اقتصادياً نتيجة إقدامها على خطوة التطبيع مع إسرائيل .
فبالإضافة إلى استيلاء هؤلاء المهاجرين الصهاينة المحتلين بالقوة والإرهاب على أراضي الشعب الفلسطيني وقتله وتدمير ممتلكاته وتهجيره وتشريده من أرض أجداده بحجة إقامة “وطن قومي” لهم بناء على وعد بريطاني مشؤوم وظالم ، واعتدائهم على الحقوق العربية واحتلال المزيد من الأراضي العربية ، سيترتب على الدول العربية التي وقَّعت صكوك التطبيع المذلة في واشنطن وسقطت في هذا الفخ ، أن تدفع مئات مليارات الدولارات للمحتلين الصهاينة تحت عنوان “تعويضات” عن أملاكهم المصادرة في الدول العربية التي هاجروا منها .
فقد كشف النائب في البرلمان التونسي أحمد الصافي سعيد عن نيات إسرائيلية للمطالبة بتعويضات عن أملاك اليهود المهاجرين من الدول العربية ، وجاء في برنامج “وحش الشاشة” الذي استضاف النائب سعيد شهادة قدمها وزير سابق بأن سفيرة الاتحاد الأوروبي في تونس “لورا بايزا” قامت بزيارة لمكتبه عام ٢٠١٥ عندما كان وزيراً لأملاك الدولة في الحكومة المذكورة ، وأبلغته خلالها بأن إسرائيل ستطالب الدولة التونسية بدفع تعويضات ضخمة لصالح اليهود التونسيين الذين هاجروا إلى الكيان الصهيوني بعد قيامه ، بحجة أنهم تعرضوا للاضطهاد وأجبروا على ترك أملاكهم ، وكشف النائب التونسي بأن التعويض المطلوب من تونس يقدر بنحو 75 مليار دولار وهو يتجاوز ميزانية تونس لسنوات .
وأوضح النائب سعيد بأن إسرائيل أعدت قائمة طويلة بالمبالغ التي ستطالب بها بقية الدول العربية في المرحلة القادمة ، بعد أن تحصل على اعتراف هذه الدول بها ، ومن هذه الدول ليبيا والمغرب والجزائر والعراق وسورية ومصر واليمن وكذلك إيران ، وأن المبالغ المطلوبة كتعويضات تتجاوز قيمتها ال (٢٥٠)مليار دولار .
وتساءل النائب التونسي باستغراب لماذا لم تتفاوض الدول التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل حول مسألة التعويضات التي تنوي إسرائيل المطالبة بها ، والتي ستصبح من حقوقها المزعومة كما تدعي في حال تم الاعتراف بها ، مؤكداً أن إدارة ترامب قد ضغطت من أجل إتمام صفقة القرن في السنوات الماضية ، وقد تضمنت الصفقة إشارة إلى التعويضات التي ستدفع لإسرائيل ، وكذلك التعويضات الهزيلة التي ستدفع للفلسطينيين الذين سيتخلون عن أرضهم ووطنهم في إطار الصفقة المعروضة ، وكل ذلك من أموال الدول العربية .
يشار إلى أن الكيان الصهيوني يعتبر بأن من حق مهاجريه من الدول العربية الحصول على تعويضات مالية عن أملاكهم التي تركوها أسوة بالتعويضات التي دفعتها ألمانيا النازية بذريعة الترانسفير والمحرقة المزعومتين اللتين تعرض لهما اليهود في ألمانيا على يد هتلر ، علما أن اليهود في الدول العربية قد غادروا من تلقاء أنفسهم إلى الكيان الصهيوني بعد أن جاءتهم الأوامر من قبل حكام الكيان ، وقد قاموا بتصفية أرزاقهم وأملاكهم ولم يتعرضوا لأي ضغوط أو اضطهاد كما تدعي إسرائيل ، وهذا يضع الدول العربية المطبِّعة في مأزق كبير لم تحسب حسابه ، إذ ليس “السلام” الذي يروجون له هو هدف التطبيع وإنما لدى حكام الكيان الصهيوني أجندة سرية لنهب خيرات الدول العربية تحت عناوين مختلفة ، وهم ينتقلون من مرحلة إلى مرحلة في سياق مشروعهم الاحتلالي الاستيطاني الذي يستهدف كل المنطقة