الملحق الثقافي:
هم مبدعون عالميون، أدانوا في رواياتهم ومقالاتهم وبياناتهم، الظلم والظلام اللذين فرضهما العدو الإسرائيلي، على الشعوب المنتهكة حقوقها وحياتها، وأولها الشعب الفلسطيني.
نختار من هذه الإدانات، ما ورد عبر بياناتٍ أطلقها كُثر من أدباء العالم، ومنهم الروائي الكولومبي “غابرييل غارسيا ماركيز” الذي قال في بيانه الشهير “ليل الضمير البشري”:
“إنني أعلن إعجابي غير المحدود، ببطولة الشعب الفلسطيني، على الرغم من إنكار القوى الأعظم، والمثقفين الجبناء، لوجود ذلك الشعب.
لقد استندت نظرية المجال الحيوي الصهيونية، إلى أن اليهود شعب بلا أرض، وأن فلسطين أرض بلا شعب. هكذا قامت الدولة الإسرائيلية، غير المشروعة في 1948. فلما تبين أن في فلسطين شعباً يسكن أرضه، كان من الضروري، حتى لا تكون النظرية مخطئة، إبادة الشعب الفلسطيني، وهو ما يتم بصورة منهجية منذ أكثر من خمسين عاماً، لكن جائزة نوبل للسلام، بالإضافة إلى اتفاقية كامب ديفيد، اتخذت شكل الإذن الدولي بالقتل الذي لا يجرمه أحد، وقد تمكنت أجهزة الإعلام التي يسيطر عليها اليهود من إقناع البلهاء في الغرب بهذه الأكاذيب، مستثمرة عقدة الذنب عند القتلة، فباركوا المزيد من المذابح، لولا أن العالم استيقظ فجأة على أن هناك شيئاً اسمه الشعب الفلسطيني، ولم يلفت الانتباه إليه، تمثيله الدبلوماسي أو مشاركته في المحافل الدولية. ما لفت الانتباه إلى وجوده، هو هذا الأنين الصادر عن شعب يتعرض للإبادة.
تهامس الجميع على استحياء: الظاهر أن هنا شعباً فلسطينياً، وأنه لسببٍ ما توارى عن الأعين طوال هذه السنوات. الشعب الفلسطيني بالفعل ظل مختبئاً في منطقة اسمها تجاهل الآخرين، اسمها “ليل الضمير البشري”. حسناً، ما العمل الآن؟. الحل عثرت عليه مجموعة من أنجب تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة، لتصبح فلسطين، تماشياً مع النظرية، أرضاً بلا شعب.
هذا ما يدفعني الآن إلى التوقيع على هذا البيان بشكل منفرد. أنا أعلن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يومياً المدرسة الصهيونية الحديثة، ولا يهمني رأي محترفي الشيوعية أو محترفي معاداة الشيوعية. سامحوني إذا قلت إنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة، على الرغم من إنكار العظمى الأعظم، أو المثقفين الجبناء، أو وسائل الإعلام، أو حتى بعض العرب لوجوده”.
أيضاً، من الأدباء العالميين الذين تضامنوا مع الشعب الفلسطيني وقضيته، واستنكروا إجرام الصهيوني وهيمنته، الصحفي البريطاني الشهير “روبرت فيسك” الذي يُعتبر الأشهر في التضامن مع القضايا العربية، ولاسيما الفلسطينية. ذلك أنه عملَ جاهداً للدفاع عن الحق الفلسطيني، وسواء عبرَ الصحف البريطانية التي عمل فيها، أم حتى غيرها، إضافة إلى قيامه بتغطية الحرب الأهلية اللبنانية، ورصد مذبحة صابرا وشاتيلا، وكان أول من كشف الدور الإجرامي الذي لعبه “شمعون بيريز” في مذبحة قانا بجنوب لبنان، وأول من نشر صوراً مرعبة لهذه المجزرة، التي أصدر بشأنها، كتابه “ويلات وطن”.
في كتابه هذا، مثلما في كتابه “الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة. السيطرة على الشرق الأوسط”، اتّضح دوره المعارض للاستعمار الغربي الأميركي والبريطاني، وحين شاهد إسرائيل تغزو مدينة “غزة” بالدبابات والطائرات الأميركية، صرّح بأنه بات يفهم بوضوح، السبب الذي جعل أميركا مكروهة من قِبلِ العالم.
إنه ما دفعه للمطالبة بالحصانة التي تتمتع بها إسرائيل، مثلما لإدانتها عبر مقال نشرة في أهم وأشهر الصحف البريطانية، وتحت عنوان: “ماذا لو قتل800 فلسطيني في عملية غزة؟:
“لو كان الموقف معكوساً، وكان الذين قتلوا 800 إسرائيلي، لكان الغرب سيسمِّي ما حدث مذبحة، وليس دفاعاً عن النفس، ولتدخّلت الولايات المتحدة لدعم إسرائيل عسكرياً. بيد أن الحقيقة التي لا يعترف بها أحد، هي أن العالم لا يعبأ بموت الفلسطينيين”.
لم يكن موقف الشاعر والأديب الألماني “غونتر غراس”، أقل جرأة وشجاعة، عن سواه من أدباء العالم الذين ندّدوا بالاقترافات البشعة التي تمارسها إسرائيل بحقِّ الشعب الفلسطيني. لم تكن أقل شجاعة وجرأة، لا عبر أقواله أو حتى أشعاره التي يقول في أحدها، معرّياً حقيقة هذا الكيان وممارساته العدوانية:
“لماذا أقولُ الآنَ فقط/ كبيراً في السن/ وبآخر قطرة حبر/ إن القوة النووية «إسرائيل» خطر على السلام العالمي الهش بطبيعته؟/ لأنه ينبغي أن يُقال/ قبل أن يفوت أوان قوله غداً/ في الأفق تلوح عقوبة/ الحكم المألوف: معاداة السامية”.
الكاتبة الأميركية “توني موريسون” هي أيضاً، من الأدباء الذين كرّسوا حياتهم وأعمالهم، لرفض الممارسات العنصرية والعبودية. ممارسات أميركا وإسرائيل، التي وصفت عدوانها واحتلالها لأرض فلسطين، بأنه غير شرعي، وهي رسالتها التي تعتبر، من أقسى الرسائل التي تدين الصهيونية.
صفعة إثر أخرى، تتلقاها إسرائيل من مبدعي العالم الذين اعتقدت، بأنهم قد يكونوا أصدقاء لها، فها هو أيضاً الكاتب البيروفي “ماريو فارغاس يوسا” يُغضبها بقوله عنها:
“أصبحت إسرائيل دولة قوية ومتعجرفة، وإن دور أصدقائها أن ينتقدوا سياساتها بشدة”.
قال هذا، بعد أن زار فلسطين عام 2005، ودون ما رآه في كتابه “إسرائيل ـ فلسطين.. سلامٌ أم حرب مقدسة؟”، بل بعد أن عاد من رحلته، التي لاحظ خلالها:
“ليس بإمكان أحد أن يتهمني بأحكام مسبقة ضد إسرائيل، فقد شاهدت الأمور بأمِّ عيني، وشعرت بالاشمئزاز والتمرد على البؤس الفظيع الذي لا يوصف. شاهدت القمع لأناس بلا عمل ولا مستقبل ولا مجال حيوي، يعيشون في مغارات ضيقة لا تطاق. في مخيمات اللاجئين أو في المدن المكتظة. إنها الأسر الفلسطينية المحكوم عليها بالعيش كالنبات بانتظار الموت، لتضع حداً لوجود بلا أمل، في انعدام قاطع لما هو إنساني”.
التاريخ: الثلاثاء26-1-2021
رقم العدد :1030