جرائم “قسد” المتصاعدة خلال الآونة الأخيرة، والتي تتجلى بأبشع صورها من خلال الحصار الخانق الذي تفرضه على أهالي الحسكة، تقدم توضيحاً أكثر حول ماهية وتركيبة وأهداف هذه الميليشيا العميلة، وتطرح الكثير من التساؤلات لجهة تزامنها مع تسلم جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، ومع إعلان عدد من رموز الإدارة الجديدة تأييدهم لبقاء قوات الاحتلال الأميركي، وتمتين العلاقة مع مرتزقة “قسد” كورقة ضغط وابتزاز ضد الدولة السورية.
سياسة تصعيد الإرهاب التي تنتهجها ميليشيا العمالة، هي بكل تأكيد رسالة أميركية واضحة تحمل في طياتها مضامين قوية تؤكد على نية إدارة بايدن مواصلة دعم الإرهاب في سورية، والعمل على تكريس وجود هذه الميليشيا كواجهة لمشروع تقسيمي تريد من ورائه واشنطن تثبيت احتلالها لأجزاء من الأرض السورية في إطار إستراتيجيتها التوسعية في المنطقة، ولعل تعيين المدعو بريت ماكفورك في منصب مدير ملف الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي بالإدارة الجديدة، وهو من أشد الداعمين لمرتزقة “قسد”، وأبرز المحرضين لنزعتهم الانفصالية يعطي مدلولاً إضافياً على استمرار السياسة الأميركية العدائية في المرحلة القادمة.
من الملاحظ أيضاً هذا التماهي المطلق بين إرهاب “قسد” وجرائم المحتل التركي بحق أبناء الحسكة، رغم طبيعة العداء الظاهر بين الجانبين، فكلاهما يمارسان على التوازي سياسة التضييق والحصار على أبناء المدينة وريفها، عبر لجوئهما لانتهاج أساليب التعطيش والتجويع، وهي جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وهذا بحد ذاته يشير إلى أن تلك الجرائم التي يرتكبها الجانبان تتم بطلب وإيعاز أميركي، ولا نستبعد وجود تنسيق في هذا الجانب بين نظام اللص أردوغان، وبين متزعمي الميليشيا العميلة، الأمر الذي يؤكد أيضاً أن إدارة بايدن تسعى لاستخدام كلا الأداتين لاستكمال تنفيذ مخططات عدوانية وضعتها سابقاً إدارتان سابقتان ” أوباما وترامب” تهدف لتمزيق الجسد السوري بالإرهاب والتقسيم، بما يخدم في النهاية مصلحة المشروع الصهيوني في المنطقة.
الارتباط العضوي بين ميليشيا “قسد” العميلة والمشروع الصهيو-أميركي بات يتضح اليوم بكل أبعاده وأشكاله، ومن المستبعد أن تستغني إدارة بايدن عن خدمات هذه الميليشيا في الوقت الراهن، هي تسعى للبناء على دورها الوظيفي، لاسيما أنها تنفذ أيضاً مهمة أميركية بغاية القذارة في سياق ما يسمى قانون “قيصر”، ولكن الأمر المؤكد بأن تلك الميليشيا سرعان ما ستجد نفسها مرمية على قارعة الطريق فور انتهاء صلاحيتها، وواشنطن معروفة بالتخلي عن أدواتها وعملائها عندما تقتضي مصلحتها ذلك، والسفير الأميركي السابق لدى سورية روبرت فورد، كان قد أكد في وقت سابق أن “العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة و(قسد) سوف تنتهي يوماً ما”، وبطبيعة الحال، فإن هذا اليوم لا بد وأنه قادم لا محالة.
البقعة الساخنة- ناصر منذر