لجنة مناقشة الدستور تختتم اجتماعات جولتها الخامسة من دون إحراز تقدم، بحسب ما أعلنه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، وهذا يعني تفشيل أميركي آخر لعمل اللجنة، حيث من الواضح أن الولايات المتحدة وخلفها منظومة العدوان لا تزال تراهن على الاستثمار بورقة الإرهاب لإطالة أمد الحرب العدوانية، وليس بواردها الجنوح نحو الحل السياسي، هي تدعي أنها تدعم هذا الحل، ولكنها تستمر بوضع العراقيل أمامه، وستبقى كذلك طالما أنها لم تحقق أجنداتها العدوانية بعد.
الآلية التي سبق وطرحها الوفد الوطني خلال الجولة السابقة بغرض البناء عليها لإحراز تقدم في الحوار، تم رفضها مباشرة من قبل الطرف الآخر في هذه الجولة، وهذا يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول استمرار ذاك الطرف برفض كل طرح وطني يتصل (بسيادة الدولة، ووحدة أراضيها، وحق السوريين بتقرير مستقبلهم بأنفسهم، وإدانة الإرهاب، ، ورفض الاحتلال وغيرها من الثوابت الوطنية)، حيث سبق للطرف الآخر أن رفض صيغة «لا ورقة» التي قدمها الوفد الوطني خلال الجولة الأولى قبل نحو أربع سنوات، وتتضمن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه وإدانة الدول الداعمة له، وفي الجولة الثانية رفض مقترحا بعنوان« ركائز وطنية تهم الشعب السوري»، وفي الجولة الثالثة عرقل الوصول للتوافق حول ورقة بعنوان”المبادئ الوطنية الأساسية”، وفي الجولة الرابعة تناول المسائل التي طرحت حول “عودة اللاجئين، والملف الإنساني، وموضوع رفع العقوبات الجائرة” انطلاقا من الأجندة العدوانية المرسومة له من قبل الاطراف المشغلة التي يتحدث باسمها، وكل ذلك يأتي في سياق سياسة التعطيل التي يعتمدها ذاك الطرف تنفيذا لأوامر وتعليمات مشغليه بهدف إطالة أمد الحرب الإرهابية، ووضع المزيد من العراقيل أمام أي حل سياسي في المستقبل القريب.
يتضح من خلال نهج التعطيل الذي تمارسه منظومة العدوان، أنها لا تريد للجنة التقدم في عملها، وإنما استثمار اجتماعاتها لمحاولة فرض شروطها، وأخذ ما عجزت عنه بالقوة عن طريق السياسة، وفشل الجولة الخامسة بإحراز أي تقدم هو مؤشر على توجهات السياسة الأميركية تجاه سورية بعهد بايدن، وهي على ما يبدو ستكون استكمالا لسياسة الابتزاز والضغوط القصوى التي مارستها إدارة ترامب، ومن غير المستبعد أن تكون أشد عدائية، وهذا ما نلاحظه من خلال تصعيد الأعمال الإرهابية التي ترتكبها الأدوات الأميركية، مثل ” داعش والنصرة وقسد” وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
كنا نأمل أن يبدي مشغلو الطرف الآخر بعض الجدية في هذه الجولة لتعويض حالة فقدان الثقة التي كان بيدرسون قد تحدث عنها خلال الجولة الماضية، ولاسيما أن النقاش حول المبادئ الوطنية الأساسية من المفترض ألا يقود إلى خلاف باعتبارها ثوابت ومسلمات، ولكن عندما يصر الطرف الآخر على القفز فوقها، ويقدم طروحات بعيدة عن الواقع السوري، ومخالفة لجدول الأعمال المتفق عليه، فهذا تأكيد آخر على أنه يتحدث بلسان رعاته من داعمي الإرهاب، فكيف لنا كسوريين أن نثق بأعضاء ذاك الطرف الذين يمثلون حكومات دول وأنظمة تكن العداء المستحكم للشعب السوري، وتستهدفه بحرب إرهابية مسعورة، والأدهى أن البعض منها لا تمتلك دستورا تحتكم إليه؟!.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر