الثورة أون لاين- محرز العلي:
يحتفل الشعب الإيراني ومعه جمهور محور المقاومة هذه الأيام بالذكرى الثانية والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في بلاده، الثورة التي كان لها الفضل في إفشال المخططات الأميركية في المنطقة ومجابهة الأطماع الإسرائيلية عبر دعم حركات المقاومة الوطنية تارة و محاربة الإرهاب الذي تنشره قوى العدوان وتستثمر فيه تارة أخرى، الأمر الذي يدعو للفخر والاعتزاز بالانجازات التي حققتها هذه الثورة المباركة على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث بات لإيران دورها الفاعل على مستوى المنطقة والعالم، ولم يعد بمقدور أي جهة دولية تجاوز أو تجاهل هذا الدور المهم في القضايا الدولية والإقليمية.
لقد حققت الثورة الإيرانية الكثير من الانجازات التي يصعب حصرها بمقال، فقد رسخت استقلالية القرار الإيراني بعد أن كان تابعا ومرتبطا بدول الغرب الاستعماري أيام الشاه البائد، حيث أنهت الوجود الأميركي والإسرائيلي في إيران، وحولت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة لفلسطين، وعلى الصعيد الداخلي حققت إيران قفزات علمية وصناعية وعسكرية واستطاعت تصنيع معظم ما تحتاجه من أسلحة ودبابات وصواريخ وسفن وطائرات وذخائر ومعدات، وهو ما أعطاها المزيد من القوة لردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على مصالح وسيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إن سياسة الاعتماد على الذات التي واجهت بها الحصار والعقوبات حققت الانتصارات للشعب الإيراني في مواجهة أميركا والدول الاستعمارية الغربية التي حاولت وما تزال عرقلة وحصار مسيرة الثورة الإيرانية، وهذه الانتصارات تجلت في تمكن الشباب الإيراني من تطوير الأبحاث العلمية والحصول على الطاقة النووية التي تستخدم للأغراض السلمية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الحصار الاستعماري الأميركي بالتواطؤ مع دول الغرب تحول إلى فرصة للإبداع وخلق الحلول، وبالتالي الاستغناء عن الاستيراد والاعتماد على الموارد الذاتية الأمر الذي أعطى إيران المزيد من الاستقلالية والقوة وباتت تصدر إنتاجها بدلا من أن تكون دولة مستهلكة، وهو ما أقلق أعداء الشعب الإيراني.
تمر الذكرى 42 لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية هذا العام وقد حققت إيران النصر فيما يتعلق ببرنامجها النووي، حيث خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من المشهد وهو يجر وراءه أذيال الخيبة والفشل رغم انسحابه من الاتفاق النووي ومحاولته فرض الضغوط والعقوبات الجائرة عليها، ورغم التهديد والوعيد بشن عدوان مباشر عليها بهدف إخضاعها لم تخضع ولم تتراجع عن مواقفها الثابتة، ولم تذعن للاملاءات الصهيو- أميركية، بل تمسكت أكثر بمصالح الشعب الإيراني، في حين فشل ترامب في تحقيق أوهامه بفضل المواقف الشجاعة للقيادة الإيرانية والتفاف الشعب حول قيادته، واللافت في الأمر أن العقوبات الأميركية والتهديدات وحدت الشعب الإيراني أكثر من أي وقت مضى في مواجهة المخطط الأميركي الذي يستهدف أمن واستقرار ومصالح الإيرانيين.
ترامب المتوحش الذي أعطى الأوامر باغتيال القائد العسكري قاسم سليماني كان يعتقد أن هذا العمل الإرهابي الجبان يمكن أن يضعف قدرة ومواقف إيران في مكافحة الإرهاب ومناهضة الوجود الأمريكي غير الشرعي في المنطقة، لكن الحشود الغفيرة التي شاركت بالتشييع أعطت رسالة للإدارة الأميركية المتوحشة مفادها أن هذه الأعمال ستزيد من قوة وإصرار إيران على مواقفها في المطالبة برحيل القوات الأميركية الغازية من المنطقة، وسحق التنظيمات الإرهابية التي تشكل الذراع العسكرية لهذه القوات المحتلة، وما حصل أن ترامب فشل في سياسته وإجرامه حيث بقيت الجمهورية الإسلامية الإيرانية متمسكة بمواقفها وظلت حريصة على مصالح شعبها ولم يصدر عنها أي تنازل أو تفريط.
التالي