الثورة أون لاين- ناصر منذر
وقع الرئيس الأميركي جو بايدن ثلاثة مراسيم حول الهجرة، والمتعلقة بفصل عائلات المهاجرين عند حدود الولايات المتحدة الجنوبية لم يلتم شمل بعض منها، وذلك لإظهار التزامه بمحو وصمة العار الأخلاقية والوطنية الموروثة عن سلفه ترامب، وقال:” لا أسن قانوناً جديداً، بل ألغي سياسات خاطئة”، وهذا الأمر يطرح سؤالاً في غاية الأهمية: كم مرسوماً، أو قانوناً، أو قراراً، أو إجراء، يحتاج بايدن لإلغاء السياسات الأميركية الخاطئة لمحو وصمة العار السياسية والأخلاقية التي تلازم الولايات المتحدة؟، وهذا بالطبع بحال كان لديه النية الحقيقية لغسل عار بلاده الملطخة بدماء الشعوب.
حتى الآن يحاول بايدن تقديم نفسه بصورة الرئيس “الحكيم” الذي سيخلص بلده من الإرث العنصري، والسياسات الهدامة التي خلفها ترامب، – وكأن هذا الإرث ليس ممتداً من عهد أول رئيس أميركي- ربما يستطيع إقناع نصف الأميركيين الذين انتخبوه بأنه سيعيد للبيت الأبيض “كرامته” المهدورة، وكذلك حلفاء بلاده التقليديين بأنه سيكون أقل سوءاً من سلفه، ولكنه بكل تأكيد سيكون عاجزاً أمام التاريخ عن تبييض صفحة بلاده السوداء، هو أبدى تعاطفه مع العائلات المهاجرة إلى بلده، ولكن ماذا عن ملايين العائلات التي هجرتها الحروب العدوانية الأميركية من أوطانها، وماذا عن بيوتها التي سوتها الطائرات الأميركية بالأرض في الكثير من الدول التي استهدفها الإرهاب الأميركي؟.
ماذا عن المهجرين السوريين بفعل الإرهاب المدعوم أميركياً، هل سيعطي بايدن أمراً لقواته المحتلة بإطلاق سراح عشرات العائلات المحتجزة بمخيم الركبان على سبيل المثال؟ وهل سيزيل العراقيل من أمام المهجرين في مخيمات اللجوء بالخارج ويسمح بعودتهم إلى وطنهم الأم؟ وهل سيعطي شركاءه بدعم الإرهاب الإذن برفع القيود عن عودتهم؟، والأهم من ذلك، هل سيوقع مرسوماً برفع العقوبات عن الشعب السوري؟، أم أن “قيصر” لا يدخل في عداد السياسات الخاطئة، وهل سيعطي أوامره لقواته بالانسحاب من المناطق التي تحتلها، ويكف يد إدارته عن دعم الإرهاب الذي يتسبب بتهجير العائلات من بيوتها وأراضيها؟، وكذلك هل سيوقع قراراً جديداً يبطل قرار ترامب بشأن الجولان السوري المحتل باعتباره أرض سورية، وبأنه لا أحد يملك الحق والأهلية القانونية لتشريع الاحتلال واغتصاب أراضي الغير بالقوة؟، هو لن يفعل كل ذلك، وربما يكون بصدد التوقيع على قرارات وإجراءات أكثر عدوانية، كبدائل إرهابية أخرى تعوض الفشل الأميركي في سورية، والذي اعترف به عدد من المسؤولين الأميركيين بينهم جيفري فيلتمان وروبرت فورد.
لم يسبق لرئيس أميركي أن صحح سياسات خاطئة ارتكبها من هو قبله إلا في الحدود الدنيا التي تقتضيها المصلحة الانتخابية في الداخل الأميركي، أو تلك التي تصب في إطار إغراء الحلفاء التقليديين فقط، لضمان استمرارهم كشركاء داعمين لسياسة البلطجة الأميركية، بينما كل ما يتصل بسياسات الهيمنة والعدوان وقهر الشعوب، فإنه يتم البناء عليها واستكمالها من حيث وصلت إليه، ولهذا السبب لا يمكن لأي رئيس “ديمقراطياً كان أم جمهورياً” أن يمحو العار عن جبين الولايات المتحدة، فهو لعنة لن يكف عن ملاحقتها، ومن غير المستبعد أن يأتي رئيس أميركي لاحق، ويوقع جملة مراسيم وقوانين جديدة لمحو وصمة العار التي سيتركها بايدن.