كلمة الموقع – معد عيسى
تتجه الدول إلى تنويع اقتصاداتها، بحيث تواجه بهذا التنوع كل المتغيرات والظروف والأزمات، وتنويع الاقتصاد يكون بخطط زمنية طويلة مع تعزيز القطاعات التي تتصف بها كل الدول.
سورية بلد زراعي بامتياز، والظروف التي نمر بها رسخت ذلك، ودحضت كل ما سبق من تصنيف لترتيب القطاعات، ولكن الاعتماد على القطاع الزراعي وحده لا يكفي مع عدم استقرار الطقس ونقص مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة ومبيدات ومحروقات، وهناك أمثلة لانكماش بعض الاقتصادات العالمية بسبب اعتمادها على قطاع واحد كما الحال في الدول النفطية أو في بريطانيا عندما دمرت موجة البرد المعروفة بـ “الصقيع العظيم” الاقتصاد البريطاني الذي كان اقتصاداً زراعياً بامتياز عام 1907.
التصنيع المتقن للمنتجات الزراعية هو الوجه الآخر للزراعة، لأنه يقوم على مزايا الإنتاج الزراعي، ويقدم قيمة مضافة عالية على المُنتج، وهذا ما فشلت كل الخطط حتى اليوم في النهوض به ووضعه بالمسار الصحيح، فزيت الزيتون ما زال يُهرب عبر الحدود “دوكما” إلى دول الجوار التي تُصدره بشهادة منشأ خاصة بها، والحمضيات مازالت تعيش المصير نفسه من سنوات طويلة، والتبغ كذلك لم نستفد من وفرته ولا من جودته، والقطن لم يكن بحال أفضل، وكذلك الأمر بالنسبة للكونسروة.
النهوض بالقطاع الزراعي يحتاج إلى النهوض بالقطاع الصناعي للمنتجات، ويحتاج إلى تطوير الصناعات الأساسية لمستلزمات هذا القطاع مثل صناعة المبيدات واللقاحات التي لاتزال منذ سنوات طويلة مرهونة بقرار وتعليمات تمنع أي أحد من الاقتراب منه، بل كان للقرارات السابقة دور كبير في إغلاق عدد من معامل صناعة المبيدات لمصلحة مافيا تحتكر هذا الأمر مربوطة بحلقة من لحظة تقديم طلب تسجيل المادة الفعالة مروراً بشروط التسجيل وصولاً إلى المواصفة.
النهوض بالقطاع الزراعي يحتاج إلى خطة طويلة الأمد تحدد الزراعات الأساسية وسبل تصنيعها، ويحتاج لإعادة دراسة لبعض الزراعات مثل النباتات العطرية والطبية التي تشكل الأساس لصناعة الأدوية التي يُمكن القول إنها جيدة في سورية، ويحتاج لإعادة تربية دودة الحرير والاهتمام بشجرة الغار وغير ذلك من منتجات الطبيعة السورية الغنية بتنوعها، والمتنوعة بغناها.