الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
هل سيشاهد العالم مسرحيات جديدة في أميركا؟ هكذا يبدو الأمر من خلال الإصرار على المحاسبة القضائية التي تلاحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فالإفلات من العقاب في محاكمتي عزل بمجلس الشيوخ لم تقنع الديمقراطيين، وهو مدان وفق رؤيتهم ومعطياتهم، وانطلاقا من هذا، فإن العمل على مواصلة محاسبته مستمرة، و”الديمقراطيون” في مساعيهم لتحقيق ذلك لم يرفعوا بطاقة استسلامهم أمام تلك التبرئة التي يرونها خيانة وضعفاً للديمقراطية الأميركية وفق تعبيرهم.
من هنا لا يزال ترامب يواجه خطر التعرّض لملاحقات أمام القضاء ولمساءلات أمام لجنة خاصة أنشأها مجلس النواب للتحقيق في الهجوم الذي شنّه أنصاره على الكونغرس في 6 كانون الثاني الماضي.
يأتي ذلك بعد أن سعى المدّعون العامّون الديمقراطيون في مجلس الشيوخ إلى إثبات أنّ ترامب حرّض على العنف لأشهر عبر ترويجه “أكاذيب” ورفضه الإقرار بهزيمته في انتخابات 3 تشرين الثاني الماضي في مواجهة جو بايدن، وإلقائه خطاباً تحريضياً امام الآلاف من أنصاره في واشنطن يوم اقتحام الكونغرس، بالقول: “حاربوا بضراوة”، في وقت كان فيه أعضاء الكونغرس يصادقون على فوز بايدن.
ورغم تصويته لصالح تبرئة ترامب في “الشيوخ”، فإنّ زعيم الجمهوريين ميتشل ماكونيل صرّح بنفسه بأنّ ترامب يواجه خطر الملاحقة أمام القضاء، وقال: إنّه “لا يوجد أيّ شكّ في أنّ ترامب مسؤول من الناحيتين العملية والأخلاقية على إثارة أحداث ذلك اليوم.. وأنّ ترامب لا يزال مسؤولاً عن كل ما فعله خلال وجوده في المنصب.. لم يفلت بعد من أيّ شيء”.
بالتوازي فإنّ 45% من الأميركيين يعتقدون أنّ ترامب مسؤول عن أعمال العنف ويجب ملاحقته قضائياً وفق استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك ونشر مؤخراً.
ووفقاً للتحليلات تبدو إدانة ترامب أمام القضاء صعبة لاسيّما وأنّه يمكن إدراج الخطاب الذي ألقاه في 6 الشهر الماضي تحت الفصل الأول من الدستور الذي يضمن حريّة التعبير بحسب بعض المسؤولين الأميركيين، لكن ذلك لم يقف عائقاً أمام التمسك بملاحقته، بعد أن لوّح المدّعي العام لمقاطعة كولومبيا كارل راسين باللجوء إلى قانون محليّ يتيح إطلاق ملاحقات قضائية بحق الأفراد الذي يحرّضون بوضوح على العنف، وبين في تصريح لشبكة “إم إس إن بي سي” أنّ ترامب سيواجه في تلك الحالة عقوبة السجن لستة أشهر.
المدّعي العام الفيدرالي في واشنطن مايكل شيروين أيضاً وجّه تهماً لعشرات الأشخاص على خلفية مشاركتهم في أعمال العنف، فيما يمكن أن يطالب بعض الضحايا بملاحقة ترامب.
وفي جورجيا، الولاية المهمّة التي فاز فيها جو بايدن وعكست توقعات ترامب، هي الأخرى تسير بالمنحى القضائي، بعد أن أعلنت فاني ويليس المدّعية العامة لمقاطعة فولتون في 10 شباط الجاري عن فتح تحقيق أوليّ حول “محاولة التأثير على العمليات الانتخابية” في الولاية الواقعة في جنوب البلاد، حيث طلبت من مسؤولين بارزين الحفاظ على وثائق تثبت محاولات للتأثير على موظّفين يعملون في تنظيم الانتخابات، منهم وزير الشؤون الإدارية في حكومة الولاية، الجمهوري براد رافنسبريغر، بعد تسجيل هاتفي طلب فيه ترامب من رافنسبريغر “إيجاد” نحو 12 ألف بطاقة اقتراع تحمل اسمه ليتدارك تخلّفه عن بايدن في انتخابات الولاية.
ما يعكس أكثر عدم الاستسلام لتبرئة ترامب من التهم الموجهة إليه هو إعلان رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي الأحد الماضي عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة في الأيام المقبلة كاللجنة التي أنشأتها الولايات المتحدة إثر هجمات 11 أيلول، للتحقيق في الاعتداء الإرهابي المحلّي على الكونغرس.
وكان مشرّعون أميركيون عدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قد طالبوا بتشكيل هذه اللجنة، فرأى السيناتور الديمقراطي كريس كونز لشبكة “إيه بي سي” أنّ اللجنة ستكشف “مدى مسؤولية الرئيس ترامب وانتهاكه الصارخ لقَسَمه الرئاسي”.
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام- حليف ترامب – فقال لشبكة “فوكس”: إنّ اللجنة ضرورية لفهم ما جرى وضمان عدم تكراره.