الثورة أون ﻻين – آنا عزيز الخضر:
أجمل الصياغات الفنية تلك القادرة على تجسيد مقوﻻت واسقاطات، قابلة لكل زمان ومكان، وأكثر الوسائل الثقافية قدرة على تصوير ذلك هو المسرح هو الوحيد القادر على ترجمة هذه الميزة على أرض الواقع.. من هنا كان العرض المسرحي (ليل العبيد) الذي احتفى به مسرح القباني بدمشق لطﻻب كلية فنون الاداء، بالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقى.. صورة دقيقة عن الكثير من التناقضات والصراعات التي دارت بين عالم العبودية وعالم الحرية والذي هو محط أنظار كل البشر على مر الزمان… النص من تأليف الراحل ممدوح عدوان، واخراج فؤاد حسن.
يركز العرض على شخصيات تاريخية نعرفها جميعا بدءا من الشاعر الحطيئة، الى وحشي، الى بﻻل بن رباح .. وكعادته ممدوح عدوان عندما يتعامل مع شخصية تاريخية ما وقد عرفنا أعمالا فنية ودرامية تناولت شخصيات تاريخية معروفة..فالكاتب عدوان يأخذ مﻻمحها العامة ،ويتحدث بلسانها وفق آليات لها جاذبيتها الخاصة ،لما تمتلكه من منطقية متوازنة ومقنعة في تعاملها مع كافة الحاﻻت ،التي تعيشها ومع واقعها والشخصيات التي ترتبط بها، متمسكة بمنطقها الخاص ووفائها لكينونتها تحديدا تلك التي تخدم ذاتية الشخصية، لتؤكد مﻻمحها واحقيتها في موقفها من الحياة والاخرين بكل جرأة ومنطق مقنع يحكم سلوكها وعالمها وسيرورتها..هكذا كانت شخصيات ليل العبيد ،فتحدثت كل شخصية على حدة، عن ذاتها بإيمان عمبق بنفسها واهدافها ، وتحدثت عبر حوارات غنية عن أفقها وطموحها وآمالها فكانت كما ارادت ان تكون هي نفسها ، فتقنعنا بما وصلت اليه لشدة منطقيتها في طرح ذاتها وطرح قصاياها ومعالجة اشكالياتها ومعضﻻت حياتها ، كما هو اتساق افكارها من خﻻل ارتباطها بالواقع وعﻻقتها بالاخرين، مظهرة عبر كل ذلك حقائق عن مجتمع يعيشونه ،وهم ارادوا حريتهم ،وكل منهم حاول الوصول اليها بطريقة ما فاستطاع العرض الغوص عميقا في تناقضات مقروءة وصراعات مفتوحة أبدا ،وقد تجسدت بمهارة أدائية خاصة، قاربت شخصيات شهيرة،لكن لكل منها همها الابدي ان صح القول…وهو السعي الى الحرية مهما كثرت العوائق.