الثورة أون لاين:
بلهفة من انتظر طويلا استقبل السوريون الثلج امس بهيا حنونا دافئا كما قال نزار قباني ذات يوم .
ولنا موعد على جبل الشيخ .. كم الثلج دافئ وحنون ..
على قمم جبل الشيخ وكل بقعة سورية.
الثلج عند السوريين حبر السماء الأبيض وعلامة الخير ..صحيح أنه في كثير من الأحيان يكون متعبا ومرهقا ويدوم طويلا …كما حدث في أوائل القرن الماضي وما عرف بثلجة الأربعين وما تركته من آثار اجتماعية مدمرة..
وفي تاريخ الثلج ثمة قصص تروى كثيرة..
ابو تمام والثلج
ومن المعروف أن أبا تمام صاحب الحماسة كان قد اختارها كما تقول المواقع والمصادر، إذ كان أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، الشاعر الشهير، في رحلة إلى خراسان. وبينما هو في طريق عودته إلى بغداد، دخل مدينة همذان فاستضافه أبو الوفا بن سلمة.
ولم يلبث الطقس أن ساء ونزلت الثلوج، فاضطر أبو تمام للبقاء حتى تتحسن أحوال المناخ. فأراد المضيف ابن سلمة، أن يخفِّف عنه، وبذا أمدَّه بكتب الأدب التي في خزانته. فاشتغل عليها أبو تمام، وقضى وقته في عمل مختارات من الشعر العربي، حتى انتهى من كتابين كبيرين: كتاب “الحماسة”، كتاب “الوحشيات”. وظلت هذه المختارات زمناً طويلاً في حوزة آل سلمة، حتى خرجت هذه المختارات).
ويروى أن المتنبي قد قطع جبال لبنان والثلج يكسوها فقال :
شمّ الجبال ومثلهنّ رجاء
وعقاب لبنان، وكيف بقطعها
وهو الشتاء و( صيفهنّ شتاء ).
الثلج أسود! والصيف شتاء!
ولعل اكثر القصائد شهرة في وصف الثلج ولواعج الحنين إلى أيامه ما قاله رشيد أيوب..
يـا ثـلجُ قـد هـيّـجـتَ أشـجـاني
ذكَــرتــنــي أهــلي بــلُبــنَــانِ
بــاللهِ عَــنّــي قُــل لإخـوانـي
مـا زالَ يـرعـى حـرمـةَ العـهد
يـا ثـلجُ قـد ذكّـرتني الوادي
مُــتَــنَـصّـتـاً لِغَـذيـرِه الشّـادي
كـم قـد جَـلَسـتُ بحضنه الهادي
فَــكــأنّــنــي فـي جَـنّـةِ الخُـلدِ
يــا ثــلجُ قــد ذكِـرتـنـي أمّـي
أيّـامَ تـقـضـي الليلَ في همتي
مــشــغــوفــةً تــحَـارُ فـي ضَـمّـي
تــحــنـو عـليّ مَـخـافَـةَ البـردِ
يـا ثـلجُ قـد ذكّـرتني الموقِد
أيــامَ كُــنــا حَــولهُ نُــنــشِــدِ
نـعـنـو لَدَيـهِ كـأنّهُ المـسـجِـد
وكـأنّـنَـا النُّسـّاكُ فـي الزُّهـدِ
يـا ثـلجُ أنتض بثوبكَ الباهر
ونــقــائهِ كــطــويّــةِ الشـاعِـر
لَو كنتَ تدري الناس يا طاهر
لبــعــدتَ عــنـهـم أيّـمـا بُـعـدِ
لَو لم تـذُب مـن زفـرَة القـلبِ
أو دمـعـيَ المـنـهـال كـالسُّحبِ
لبَــنَـيـتُ مـنـكَ هـيـاكـلَ الحـبِّ
وحــفَـرتُ فـي أركـانـهـا لحـدي
يا ما أُحَيلى النجم إن لاحا
والثـلج يـكسو الأرض أشباحا
وقد ألهم الثلج الكتاب الكثير من القصص والأعمال الروائية فكتب أرنست همنغواي كليمنجارو الرواية المعروفة ولا ننسى حنا مينه وروايته المعروفة ..الثلج يأتي من النافذة ..
ولكن اجمل الابجديات تلك التي يكتبها جنودنا الابطال وهم يعانقون الثلج ..يحرسون تراب الوطن …أبجدية الثلج اليوم دافئة كما قلوبنا..