الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
” قطرات، رشحت عنها يدي، ويدي من كبر ترتعش، عطشٌ فيه بدأنا عمرنا، ويرحل العمرُ..ويبقى العطشُ! هذا العطش الخالد إلى التعبير.. إلى الشعر.. إلى البيان هو سر الإنسان.. سرنا الذي نحلم كلنا أن نقبض عليه، أن نجسده كلماتٍ على الورق نسميها شعر ويرحل العمر ويبقى العطش هذا الحنين إلى المجهول، يشدنا جميعاً الشاعر حسن أحمد حسن واحد من أبناء هذا العطش الخالد، إن أبناء الصخرة السمراء والسنديانة العريقة هم شعراء بالفطرة، عنوان هذه المجموعة وطن وبعض الحب، وسأكتفي بكلمتين اثنتين وطن وحب”. هكذا اختار شاعر الطفولة سليمان العيسى عنوان المجموعة، وهكذا قدم شاعراً مترفاً بحب الوطن والأرض والإنسان، قلبٌ ممهورٌ بعشق الوطن مسورٌ بـأبجدية النصر والصمود، فحين تفنى الحروب، يبقى حبر الوجدان خالد في الأسفارِ، لا يأبه ولا يتآكل مع غبار السنين، إنها المجموعة التي تحضرني ذكراها لاسيما في أيام عيد الحب، وانتصارات سورية على امتداد جغرافيتها التي ستبقى الاستثناء على مر العصور، تصدّر للعالم أبجدية حبّ من رحم الألم.
بألف باء البراءة بدأ الدكتور حسن أحمد حسن مجموعته “وطن وحب ” عربوناً لشاعر الطفولة الذي خصصه بنص عنوانه “أتيتُ إليكَ”:
أتيتُ إليكَ يسبقني اشتياقي أُمنَّي خافقي بشذا التلاقي
أناشيد الطفولة وهي تزهو تردِّدها الجداول والسَّواقي
لكم في كلِّ قلب قصرُ حبٍّ يضوعُ شذى بمسك الاشتياق.
وإن قلنا إن الوطن ضفة، والحب ضفة، فعند الشاعر حسن ضفاف روح تهيم لا تفرق بين مشرقِ الوطن العربي ومغربه، فيمسي نِعم المفكر ونِعم المقاتل العروبي الذي يحمّل الجيل القادم نبراساً.
” أجيالنا وقفٌ لتحرير التراب
وغير ذلك لن يكون ما دام
في الدنيا حجر !
حتى إذا نفذت حجارة موطني
فأنا حجر وأخي حجر
وأبي حجر
غرد وزغرد يا حجر!
فبكَ الخلاص المنتظر”
ويبقى للشاعر أشجانهِ وتراتيل روحه فيكشف من خلال شعره النقاب عن جوارحه، فيتـألم وينادي ويحن لطفولة لم يعشها، يختزل حكاية الشغف بجماليات الوجد:
بَلسمتِ جرحاً نازفاً كي تفتحي جرحاً أوارى دونه بترابي
دنيا الطفولةِ لم أعشها لم تكُن عيناي تحلُم أن ترى ألعابي
عهدُ الشباب قضيته ُ متنسكاً فمضى سريعاً مثل مرَّ سحابِ
عاهدتُ ذاتي أن أعيش على المدى شبحاً يقيم بقفرةٍ وخرابِ
ولابد وأنت تتصفح المجموعة التي تحتوي على الشعر العمودي والشعر الحرّ أن تستعيد ذاكرة الوطن العربي بآلامه وآماله بانتصاراته وإخفاقاته، وأن تستذكر جماهيرنا الشعبية التي هتفت بروحها ” نعم ” فكان ولا يزال هذا النص ينبئ بمرحلة جديدة ولاسيما أننا نشهد ولادة سورية الصمود بعد سنوات حربٍ طوال:
نعم بملء الفيه بل بدمائي عربون ودّ خالص وولاء
نعم ٌ لبشار الفريق تقولها أرواحنا طراً بلا استثناء
بشّارنا المأمولُ شعبكَ كله رهنُ الإشارة ِ جاءكم بولاءِ
سر حيثُ شئتَ فشعبكم من خلفكم يفديكَ بالأرواحِ والأبناء
بينما يبقى للشعر مآثره العاطفية ولفتاته الشجية لاسيما لشخصية عسكرية متمرسة فنون القتال ، فنثر اللواء حسن أحمد حسن خلجاته بعيداً عن ضوضاء الحياة وبؤسها نصوصاً كأن في فحواها سلاح الآمنين، ودمعة التائبين.
” يا أنتِ يا أمواج الحلم القادم من أعماق الروح الثكلى
يا مجداف القلب الهائم
في لج أنوثتكِ الوثابة نحو الأفقِ اللامتناهي
خريفُ العمرِ يعربدُ فاتنتي
يبحثُ عن أنثى تنسيه
ويلاتِ الأنثى
إذ تدرك قيمة ما تملكه
من أسلحةِ القتل المشروع”
مجموعة “وطن وحب” بنصوصها الثمانية عشر، هي ذاكرة الوطن والتصحيح، و قانا والجليل والقدس، هي ذاكرة الحب والوجد هي روح سورية الصامدة بتاريخها المشرف، وبتضحيات أبطالها الأشاوس أحفاد القائد الخالد حافظ الأسد.
يا نجل ليثٍ غدا رمزاً لأمته! إن العروبةَ عند الأسد معتقدُ
إن فتّشَ العربُ عن رمزٍ لعزتهم إلا عرينكَ شام المجدِ ما وجدوا
يا ربُّ فاسق بمزنِ حافظاً أسداً واحفظ لنا القائدَ البشار يا صمدُ