رغم أنها زيارة قصيرة وعلى عجل، لكن ضوعها لم يغادرني، فالحديث كان يصدر من الأديبة كوليت خوري كتاريخ تتتابع أحداثه كشريط سينمائي غني بالوقائع والذكريات والأسماء المهمة، بعضها غادرنا والبعض الآخر لا يزال يجتهد في تقديم عصارة فكره لتكون آثاره شاهداً حياً على عصره.
ففي كلّ ركن في منزلها تتكدس الكتب والصور والذكريات حتى لايكاد يقع نظرك على مساحة لاتحمل أثراً لأديب أو فنان أو باحث عبر إهداءات بأقلام أصحابها.
وطرحت بدورها أن تقدم بعض كتبها لاتحاد الكتاب العرب ليعود ريعها لخدمة أعضاء الاتحاد ودعمهم لمتابعة دورهم في النهوض بالواقع الثقافي، فكيف نكرم ونضع هؤلاء المبدعين في منازلهم التي يستحقون؟
ففي المجتمعات التي تندرج تحت مسمى(الدول المتقدمة) يرتبط اسم الدولة باسم أحد مبدعيها تكريماً له “بريطانيا.. شكسبير، اسبانيا.. لوركا، فلسطين.. محمود درويش، غسان كنفاني، ونحن نعتز بالشاعر نزار قباني”.
كثيرة هي الكنوز التي تختزنها بيوتات الأدباء والمثقفين والفنانين من كتب وتسجيلات ومخطوطات، وحتى الحوارات والأقوال والمواقف التي كانت تسجل لهم، ومن الأهمية بمكان توثيق هذه الإنجازات والتجارب لنحفظ لهم إنجازاتهم وتجاربهم وإعادة قراءتهم عبر الأجيال.
وربما ما ساق هذا الحديث فقداننا للكثير من أعلامنا الثقافية وعلى صعيد الفنون الثقافية كافة، ممن تركوا آثاراً مهمة في عالم الإبداع الفكري والفني واللغوي، ناهيك عن اختصاصيي الآثار ودورهم في حفظ الإرث الحضاري وحمايته من انتهاكات الإرهابيين ووحشيتهم.
فالواجب يدفعنا للتنقيب عن كنوزهم والمحافظة عليها وخصوصاً مايتعلق منها بالمقتنيات النفيسة، سواء كانت كتبا أم أعمالاً فنية، أو مخطوطات لم تكتمل، لتوثيقها وحماية نتاجاتهم من الضياع والعبث، وأظن وجود متحف خاص بات أمراً ملحاً من أجل حماية إرث مبدعينا، أسوة بمتاحف المبدعين في الدول المجاورة كمتحف جبران ومتحف أم كلثوم وغيرها، لتكون قبلة للزائرين ومحجاً للباحثين والدارسين من جهة، وتكريم هؤلاء المبدعين من جانب آخر.
ولايختلف اثنان أن تاريخ الأمم والشعوب يعرف في الكثير من الأحيان من خلال المبدعين، والأدباء على وجه الخصوص.
رؤية- فاتن أحمد دعبول