الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
عشر ُ سنواتٍ عجاف، حاول خلالها الإرهاب المنظّم المدعوم خارجياً، والمستنِد على بعض ضعاف النفوس داخلياً، أن يفرض أجنداته وفكره التكفيري الوهابي على امتداد ساحة الوطن، فلجأ إلى أخذ مناطقٍ في بعض المحافظات، فارضاً على المواطنين أبشع الممارسات والقيود، ضارباً عرض الحائط، بكل المبادئ والقيم الإنسانيّة.
لقد مارس الإرهاب بمختلف أدواته، أبشع الجرائم في بلادنا، فارتكب المذابح بحقِّ المدنيين العزّل، ودمَّر المنازل والبيوت على رؤوس أصحابها. حرق المحاصيل الزراعية، ونهب الثروات الوطنية من نفط وغاز وو.. ولم تسلم مؤسسات الدولة ودوائرها الرسمية التي كانت تقدّم خدماتها للمواطنين. لم تسلم من تخريبِ وتدمير المجموعات الإرهابية المسلحة، فعاثت بها تخريباً وتدميراً وحرقاً وسرقة.
سرق الإرهابيون المعامل والمصانع في حلب، وباعوها للمحتل التركي بأرخصِ الأثمان، إلا أن إرادة السوريين والدولة السورية، كانت أقوى من الإرهاب والفكر التكفيري القادم إلينا من كلّ أصقاع الدنيا، فكان القرار السديد والمستند إلى حقِّ وواجب الدولة في حماية مواطنيها، والحفاظ على سيادتها، وصون ترابها الوطني، ومكافحة الإرهاب ودحره، من خلال تصدي الجيش العربي السوري للمجموعات الإرهابيّة المسلّحة، والاضطلاع بمسؤولياته الوطنية التي منحها له الدستور، ومحاربة الإرهابيين وسحقهم، وملاحقة فلولهم وتطهير الأرض من رجسهم، وإعادة الامن والأمان إلى المناطق التي عانت من إجرامهم.
أكّدت السياسة السورية الاستمرار في محاربة الإرهاب، واقتلاعه من جذوره، وهذا ما سمح بعودة الأهالي إلى مناطقهم المحررة، التي فتحت ذراعيها لاستقبالهم، وهم أكثر لهفة وشوقاً لبيوتهم وحاراتهم وذكرياتهم الجميلة.
وقد عبّر السيد الرئيس بشار الأسد عن ذلك مخاطباً رجال القوات المسلّحة في الذكرى الثالثة والسبعين لتأسيس الجيش العربي السوري:
“إن المناطق المحررة تعود إلى حضن الوطن، آمنة مستقرَّة بفضل بطولاتكم وتضحياتكم، ويعود أهلها إليها من جديد، بعد أن نفضت عن كاهلها غبار الإرهاب ورعاته، المأزومين المهزومين”.
كم كانت الصور جميلة ومؤثرة، عندما رفع الجنود علم الوطن في سماء المناطق المحررة وسط فرحة الأهالي وزغاريدهم بعودة الحياة الطبيعية إلى تلك المناطق، فكانت مؤسسات الدولة حاضرة فوراً لإعادة ما دمره الإرهاب من بنىً تحتيّة، وكانت ورشات المياه والكهرباء والهاتف في المقدمة، لإعادة شريان الحياة وتقديم المساعدات الفورية للأسر العائدة، محاطة بالرعاية الصحية والاجتماعية، وتأمين كافة مستلزمات الحياة الكريمة.
أجل.. لفظت المناطق المحررة الإرهاب، بكلِّ أشكاله ومسمياته في كل الجغرافية السورية. في ريف القلمون وحلب والغوطة، وريف حماة والرقة ودير الزور، والمناطق الجنوبية في درعا والسويداء والقنيطرة و….
لقد أكَّد السوريون من خلال التفافهم حول قائدهم السيد الرئيس بشار الأسد، واحتضان جيشهم بالمحبة والتقدير، أنهم صنّاع الانتصارات، هزموا الإرهاب وأفشلوا مشروعه، ومشروع الفكر الوهابي، وكتبوا بصمودهم وتضحياتهم ملاحم العزّة والشرف.
إنه ما عبر عنه السيد الرئيس خلال لقائه رؤساء المجالس المحلية بقوله:
“الحرب كانت بيننا نحن السوريين، وبين الإرهاب حصراً.. نحن ننتصر مع بعضنا لا ننتصر على بعضنا، وأيّ انتصارٍ يكون حصراً على الإرهاب بغض ّ النظر عن جنسيته”.
إنّ دحر الإرهاب والقضاء عليه، جاء نتيجة حتميّة وطبيعية لصمود شعبنا وتضحيات جيشنا الباسل وقوى الأمن الداخلي، والقوى الرديفة والحليفة والصديقة، فاستعادت المناطق المحررة حياتها الطبيعية، وعاد الأطفال إلى مدارسهم يحملون حقائبهم وأحلامهم بغدٍ أجمل. عادوا لينهلوا العلم والمعرفة، ويتشرَّبوا الروح الوطنية التي تزيدهم صموداً ومنعة.
بدأ الفلاح بزراعة أرضه التي ابتعد عنها بعض الوقت، عمل بدأبٍ ليزيد الإنتاج ويؤمِّن الرغيف لأبناءِ الوطن. عادت دورة الحياة إلى طبيعتها، وغصَّت الشوارع والأسواق في المدن والقرى المحرَّرة، بالمحال والباعة.
المواطنون يتسوَّقون ويمارسون حياتهم الطبيعية. يتنفسون هواء الوطن، وينعمون بعودة الأمن والأمان إلى أجوائه، والاستقرار إلى ربوعه المحرَّرة. الأفرانُ تعمل، والمعامل تدور، ولا راية تعلو وتخفق إلاّ راية الوطن، بعينيها الخضراوين اللتين نرى سورية من خلالهما، في أجمل وأبهى صورة.
التاريخ: الثلاثاء9-3-2021
رقم العدد :1036