الثورة أون لاين – بقلم أمين التحرير- ناصر منذر:
السياسة الأوروبية لم تخرج يوماً عن إطار التبعية والانقياد الأعمى وراء السياسة الأميركية، وهذه حقيقة ثابتة، وتتجلى بوضوح أكبر من خلال التعاطي الأوروبي مع الحرب الإرهابية على سورية، فالدول الأوروبية لم تزل شريكاً أساسياً في هذه الحرب، بكل أشكالها وعناوينها، وهي لم تزل غارقة في حساباتها الخاطئة رغم عجزها الكامل عن تحقيق هدف سياسي واحد، وهذا يعني أن تلك الدول تلهث لتحقيق المصلحة الأميركية على حساب مصلحة شعوبها، وأمنهم واستقرارهم، فهي دفعت ولا تزال ثمن دعمها للإرهاب الذي ارتد إلى داخل أراضيها، ولكنها لم ترتدع عن مواصلة دعم هذا الإرهاب.
التهديد الأوروبي بتصعيد وتيرة الإرهاب الاقتصادي بحق الشعب السوري، ومحاولة إملاء الشروط فيما يتعلق بإعادة الإعمار والعلاقات مع سورية، يعطي صورة واضحة لحالة الإفلاس والعجز الملمة بالسياسة الأوروبية، وتدل على غياب العقل والمنطق لدى الساسة والمسؤولين الأوروبيين ومدى انفصالهم عن الواقع، فهم ليسوا في موقع إملاء الشروط على دولة حطمت أدواتهم الإرهابية، وأفشلت مشاريعهم الاستعمارية، وسورية هي من يحق لها فرض الشروط للسماح للحكومات الأوروبية القيام بأي دور في عملية إعادة الإعمار، وهي ترفض أي نوع من العلاقات مع تلك الحكومات بحال لم تكف عن دعمها للإرهاب، ولم تقطع علاقاتها مع الإرهابيين، فكل من ساهم بإراقة قطرة دم للسوريين لن يكون له أي دور في إعادة الإعمار.
واضح من خلال المواقف الأوروبية العدائية المتكررة تجاه سورية، أن تلك الدول لا تزال أسيرة أوهامها الاستعمارية، وتنظر بفوقية متعجرفة إزاء الدول الرافضة لنهجها العدواني، هي لا تريد أي شراكة على أساس الندية والمصالح المتبادلة، ولا تحكمها المعايير الأخلاقية والإنسانية في العلاقات مع الدول، وبحكم ماضيها الاستعماري البغيض لا تطرح سوى خيار وحيد، هو حالة التبعية، وتتوهم أن باستطاعتها فرض هذا الخيار، ربما للهروب من واقعها الحالي المرتهن للسياسة الأميركية، فالولايات المتحدة لا تتشارك مع أتباعها الأوروبيين، هي فقط ترسم لهم الأدوار، وتحدد لهم الاتجاهات، ومن غير المسموح لهم الخروج خطوة واحدة عن المسار الأميركي، هم ينفذون ما يملى عليهم فقط لقاء بعض المكاسب السياسية والفضلات الاقتصادية التي تلقيها لهم إدارة الإرهاب الأميركية.
خلال عشر سنوات من عمر الحرب الإرهابية، لم تتوقف الدول الأوروبية عن تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي للتنظيمات الإرهابية، ولم تزل تتمادى بسياسة الحصار الاقتصادي الخانق، من دون أن تحقق أياً من أجنداتها السياسية، وبدل أن تعيد حساباتها، تراكم أخطاءها وجرائمها على أمل تحقيق أوهامها الاستعمارية، وهي تتغافل عن الحقيقة الواضحة والجلية، بأن إرادة الشعب السوري في مواصلة التصدي لكل أشكال العدوان والإرهاب والحصار الاقتصادي هي أصلب من ذي قبل، ومهما تمادت تلك الدول بعنجهيتها وغطرستها، فلن يكون لها أي دور في مرحلة ما بعد الحرب، تحت أي مسمى كان، وسورية وحدها من يحدد طبيعة وشروط أي علاقات محتملة في المستقبل، فهي كانت ولم تزل صاحبة قرار وسيادة.
