الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس :
هل تذكرون ما قالته ميسون البحدلية يوم غادرت القصر المنيف ؟
لبيت تخفق الأرواح فيه
أحب إليّ من قصر منيف
فما أبغي سوى وطني بديلا
وما أبهاه من وطن شريف ..
ليست مرثية عابرة ، ولاهي البلاغة الجميلة فقط ، بل روح ونبض وحياة ، صحيح إنها الصحراء ، أو البادية سمها ما شئت ، لكنها الوطن و هل ثمة من نعمة في الكون أسمى وأنبل من نعمة أن يكون لك وطن ، تلوذ به ، تعيش في أفيائه ، قد تتعب وتعرى ، وتشقى ولكن هل من أمر ما دون تعب ؟
اليوم وبعد عشر سنوات من العدوان الذي استجلبه التآمر الذي يفاخر به من انخرط فيه ، كيف تنظرون إلى الوطن ، ولماذا تبقى سيوفكم فوق الرقاب ؟
هل كنا قبل عشرة أعوام من الآن : هكذا ، هل كنا نشتري الفاكهة بالحبة ، وهل كنا نقف ساعات طويلة بطوابير أمام الكثير من المؤسسات ، فقط مجرد مقارنة ، هل كانت ربطة الخبز تباع على قارعة الطريق بيد من هو أسوا منكم مستغلاً الحاجة إليها من قبل الآخرين ؟
لم نهدر النعمة بيوم من الايام ، كنا نصونها ، وسنبقى ، عشنا الوفرة وعرفنا طعم أن يكون الكرم سيد المواقف من كل بيت وأسرة ، عرفنا كيف نتنزه ، ونسهر ونسافر منتصف الليل ، وكيف نجلس معاً لساعات وساعات ، عرفنا كيف نترك أبواب منازلنا دون قفل ونحن نيام .
أليس هذا وطنا ,,أي وطن أسمى منه ، وأي كرامة أنبل من كرامة أن يمد إليك يد العون من يعرفك ، ومن لايعرفك ، يقف معك بكل حدث ، بالفرح والترح ، ومازال هذا النبل عند الأصلاء من وطني ، كنت تقرع أي باب منزل : وتسأل عن أمر ما ، قد يكون ماء ، أو طعاماً ، والكل يبلي .
هل كان هذا وهماً ، هل ما قمتم به من جنون وتوحش يصل حداً لم يعرفه تاريخ التوحش في العالم ، هل هذه هي الحرية ؟
كيف ندمر مدارسنا ، مشافينا ، مؤسساتنا ، نحرق حقول قمحنا وغاباتنا ، ونفجر المدارس ونقتل براعم الغد ، ونعلن ولاءنا لعدو مازال وسيبقى يرانا قطيعاً يقاد إلى المسلخ بعد الانتهاء من دوره ؟
فعلتم هذا ، استجلبتم كل شذاذ الآفاق ، لكن خسئتم ، ودحرتم لأن ثمة نبلاً متأصلاً في الجذور نما وطال وسما إلى كبد السماء ، قوافل الشهداء ، إرادة الحياة هي التي انتصرت ، لأنها سورية الشمس والماء والهواء الدواء والبلسم ، حبة القمح وشجر السنديان .
اليوم نحن أكثر صلابة وتجذراً لأننا نعرف كيف نواجه جنونكم ، غدركم ، لم ولن ننسى نعمة الوطن والأوطان ، ماثلة في شرايين القلب والجسد تمتد من سهول حوران إلى كل بقعة سورية ، نعرف كيف يشتد الجسد السوري ويقاوم ، وكيف ينمو القمح ، ونعيد الألق ، لأننا سوريون أبناء تربة ما هانت يوما ما لمعتد أو غاصب .. والحرية ليست ذلاً ولا هي تبعية لعدو ، الحرية أن تصون وطنك وتحفظ سيادته ، وتعرف كيف تحمي قضيتك ، هذا الوطن ، ونحن نعرف نعمة الوطن